سمر المقرن
التفاخر الذي نراه من خلال القصص المتكررة لتعذيب الحيوانات، توضح حقيقة قصور الوعي بأن هذه الحيوانات هي أرواح لها «حرمة» وقد خلقها الله -عز وجل- لتعيش وتتابع دورها في الحياة كما رسمه لها خالقها.
إن هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بتعذيب وقتل الحيوانات، وهذا الأسبوع فقط، اشتهرت قصتان الأولى لقاتل القطط بالبندقية والثانية لقاتل الأرانب، هي دليل على أن من يقوم بهذه الأعمال هم أشخاص تتأصل الجريمة في داخلهم، ويشعرون بلذة عجيبة في القتل والتعذيب، وأن هذه المشاعر يخرجونها على الحيوانات اعتقاداً منهم أن ليس لها حق ولن يُعاقبوا على أفعالهم، ولو كان الأمر بيد هؤلاء لقاموا بأفعالهم على البشر، لكن ما يردعهم هو الخوف من القانون، فحصول مثل هؤلاء على الشعور بالمتعة جراء التعذيب والقتل هي ممارسة واقعية للسادية، وممارستها تجاه كائنات يعتقدون بعدم محاسبتهم على أفعالهم!
ما قامت به الجهات الأمنية مؤخراً وعلى رأسها الأمر الصادر من أمير منطقة مكة خالد الفيصل -بنفسه- للقبض على قاتل القطط، يؤكد بأننا أمام ثقافة جديدة تُعزز لدى أفراد المجتمع بكل فئاتهم على حقوق الحيوانات وحفظ كرامتها وأرواحها، أضف إلى ذلك الجهود المؤسساتية والفردية وتطبيقات التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل أو بآخر في تغيير الثقافة التي لا تهتم بالحيوان، ولعل ما أراه مؤخراً في -بعض- محلات بيع احتياجات الحيوانات من لافتات توضح بعدم بيع الحيوانات لديها، هي ثقافة جديدة باتت تنتشر في المجتمع بحقوق الحيوان وأنه ليس أداة للتجارة، وهذه نتيجة الحملات التوعوية بأن الحيوانات يتم تبنيها لا بيعها وشراءها.
الأصل في قلوب البشر هو الرحمة، وما عدا ذلك هي أمراض نفسية واسقاطات ثقافية أسهمت في النظر بدونية لهذه الكائنات وكأننا نحن من يملك حقها في الحياة، دون النظر إلى أن هناك خالقاً لم يأتِ بها إلى الحياة عبثاً إنما هناك حكمة من خلقها. لذا من يصل إلى مرحلة محبة الحيوانات وقبولها والإحسان إليها هو إنسان يمتلك معظم صفات الإنسانية الأصيلة التي لم تلوث بالنظرة التي تُقلل من مخلوقات الله -سبحانه وتعالى- الأخرى.
ولي شخصياً تجربة حيث أحمد الله أنني ممن وصل إلى هذه الدرجات العليا من مراتب الإنسانية، وأربي في منزلي عدداً من القطط وقد وصلت إلى حالة من المتعة في العناية بها والقدرة على فهمها والتواصل معها، سيفهم مشاعري -بلا شك- من عاش هذه الحالة.
أؤكد بأن القوانين التي صدرت بشأن حقوق الحيوان في المملكة، وحالات الردع التي قامت ضد من يقوم بإيذاء الحيوانات، كلها تُنبئ عن ثقافة جديدة سنشعر بها خلال السنوات القليلة المقبلة، وهي كفيلة بتشكيل المشاعر الإنسانية في المجتمع.