فهد بن جليد
فرق كبير بين جندي ينساه قادته على أرض المعركة ليقتل ويدمّر ويَلقى مصيره المحتوم، وبين آخر يسعى قادته بجد وحرص على تحفيزه ودعمه وتطويره وتشجيعه وبث روح الأمل والمُستقبل في حياته، ورفع روحه المعنوية بتسليحه بالعلم والمعرفة لبناء الأوطان وإعمارها، وهو يرابط ويشارك في حماية الحدود والثغور بسلاحه وذخيرته، ليكون خير سفير للجندية والإنسانية الحقَة معًا، تلك هي قصة الجندي السعودي على الحد الجنوبي، ونحن نحتفل بتخريج أول دفعة من أبنائنا المشاركين والمرابطين في عاصفة الحزم والأمل من طلاب الانتساب المطوَّر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ألف جندي من المشاركين في حماية حدودنا الجنوبية يواصلون تعليمهم عن بعد، من بين 23 ألف عسكري في مختلف القطاعات العسكرية فُتح أمامهم طريق الأمل والمستقبل للتعلم بذات الطريقة، وهذا أكبر دليل على شغف الجندي السعودي بتطوير نفسه، والتسلح بالعلم والمعرفة كرسول للبناء والتنمية، في عنوان فريد على مستوى العالم سُطِّر للتغيير من أسلوب حياة هؤلاء نحو غدٍ مُشرق ملؤه الأمل والعطاء، وهو ما ينعكس بوضوح على رسالتهم السامية في الحفاظ على الأمن ونشر السلام والطمأنينة في كل أرض تطأها أقدامهم.
كم نحن فخورون بتخريج 160 طالبًا من جنودنا المرابطين والمشاركين في الحد الجنوبي بعد أن اختاروا طريق العلم والنور والأمل، وتغلبوا على ظروف الزمان والمكان ليُتوِّجوا مسيرتهم بالحصول على الشهادة الجامعية، في حفل رعاه نائب خادم الحرمين الشريفين وحضره أمير منطقة عسير، إنّها لحظة تاريخية فريده سطرَها نائب خادم الحرمين الشريفين بمداد من ذهب للرُقي والتطور -بالأفعال لا بالأقوال- لرجال صاروا مضرب مثل في الشجاعة والتبصر، وهم يجمعون بين شرَف العلم والمعرفة لتنمية وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وشرَف العمل والخدمة بجد وتفانٍ وإخلاص للدفاع عن حياض الوطن، وحماية أطهر المُقدسات والبقاع الإسلامية.
أي دعم وتكريم أكبر مما حظي به الجندي السعودي في هذا اليوم المبارك على أرض الشرف والعزة، تأكيدًا لرسالة المملكة السامية كمنارة مُضيئة في نشر السلام والأمان والعلم والمعرفة، وتصديقًا عمليًا لمقولة "اعطني قائدًا اعطك جندًا"، فنعم القائد محمد بن سلمان، ونعم الجنود أولئك الذين رفعوا راية طلب العلم وهم يعتمرون بندقية الشجاعة في ساحة الوغى.
وعلى دروب الخير نلتقي.