رقية سليمان الهويريني
يسعد الوالدان حين يبدأ طفلهما بالكلام، فيعمد بعضهم لتلقينه بعض الكلمات البذيئة لينطقها بلغة مكسرة فيحلو للآباء ترديدها واستمراء خروجها من بين شفتي صغيرهم، ويشجعونه على تكرارها ويستمتعون بسماعها حتى يعتاد عليها، ويكبر وقد امتلك حصيلة وافرة من الألفاظ السيئة!
وللوالدين دور بارز في توجيه أبنائهم وتعويدهم على استخدام المعاني الراقية والكلمات المهذبة حتى في أوقات اللعب وما يتخلله من مشاجرات بينهم، فتقفز من أفواههم ألفاظ بذيئة، وهنا يظهر دور الوالدين بعدم التساهل في ذلك ومنعهم من استخدام عبارات جارحة أو مؤلمة أو سب وشتم. ويحسن التوجيه المباشر وبصورة آنية، وعقابهم عند تكرارها ليدرك الطفل خطورتها فيقلع عنها، كما على الوالدين حفظ ألسنتهم عن الكلام البذيء؛ فالطفل يرى فيهما القدوة والمثل والسلوك، وقد وجه الله تعالى موسى عليه السلام وأخاه بقوله: «فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» ومقت رفع الصوت بقوله تعالى: «وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير».
واستشعار مسؤولية الرعاية للأبناء يتولد منه أهمية التربية والتوجيه باستخدام الأساليب المحببة والألفاظ المهذبة مما يجعلهم يعتادون على استخدام الألفاظ الجميلة في تصرفاتهم وتعاملهم. ومهمة الوالدين لا تنتهي عند التوجيه بل تمتد لمساعدة أبنائهم على اختيار الأصدقاء الصالحين، فالصديق مؤثر قوي.
وتمثل المدرسة بيئة خصبة لتراشق الألفاظ النابية بين الطلاب كوسيلة هجوم أو دفاع وخاصة في أوقات الفسحة أو الانصراف، وللأسف فإن بعض المعلمين ممن يفترض فيهم أن يكونوا قدوة لطلابهم ورحماء بهم، يتلفظون بكلمات قاسية فيلقونها كالحمم على مسامع طلابهم المقصرين!
وعادة تنتشر الألفاظ النابية بين طبقات اجتماعية متدنية تعليمياً واقتصادياً وسلوكياً في المجتمع مما يشكل ظاهرة سيئة وممقوتة!
ولوسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي دور رئيس باستخدام الأطفال الألفاظ السيئة خصوصاً الأفلام الكارتونية التي تعتمد على تلك الألفاظ فيقلدها الطفل شكلاً ومضموناً.
وطالما أنَّ طفلك في مراحله الأولى عجينة تشكلها كيفما تريد؛ فإني أجزم أنه يشدك الطفل المهذب في سلوكه، المؤدب في حديثه وتتوق نفسك أن يكون ابنك!