محمد سليمان العنقري
صرح المشرف العام على صندوق التنمية العقارية بأن المستفيدين من برنامج التمويل المدعوم وصلت نسبتهم الى 12 في المئة فقط، ممن تمت الموافقة لهم والبالغ عددهم 54 ألف مواطن، بينما لم يتمكن سوى 7 آلاف من الحصول على موافقة البنوك التجارية التي تم تحويلهم لها حسب شروط هذا البرنامج، وهم من تنطبق عليهم الشروط لدى الجهات الممولة وليس شروط الصندوق التي بات واضحاً انها مجرد مرحلة تأهيلية غير نهائية وليست ملزمة للصندوق كي يوفر القرض للمستفيد كما كان سابقاً.
إن أول ما يخطر ببال أي سائل كيف سيسهم الصندوق بحلول ملف تملك السكن إذا كان الواقع يظهر ان من سيستفيدون فعلياً من أهم برنامج تمويلي من الصندوق بهذه النسبة المتدنية جداً، فالصندوق كان له إسهام كبير جداً بحلول تملك السكن سابقاً أي قبل التعديلات الأخيرة، بينما حالياً فإنَّ هذا الدور شبه انتهى إذا كان حجم المستفيدين الحقيقيين بنهاية المطاف سيبقى عند مستويات متدنية كالتي أعلن عنها 12 في المئة من بين كل من صدرت لهم موافقات مؤخراً، أي ان البقية وهم 88 في المئة لديهم موافقات على الورق فعلياً لا يمكنهم الانتفاع منها لأسباب عديدة لا تنحصر فقط بمطابقة شروط البنوك أو الممولين التجاريين من حيث الملاءة والمقدرة المالية للمستفيد، إنما قد يكون بسبب معايير أخرى كعمر المستفيد الذي انتظر حتى تخطى سن 45 أو 50 عاماً مما يقلل من فرصة حصوله على الحد الأعلى للقرض عند 500 ألف ريال فهو مبلغ غير كاف اساساً لتغطية قيمة الوحدات السكنية بالسوق، فكيف سيكون الحال إذا كان المبلغ الذي سينتفع به اقل، إضافة لقصر فترة السداد لأنّها ترتبط بالفترة المتبقية من عمر المستفيد حتى بلوغه 60 عاماً وهو ما يجعل الكثير من المستفيدين خارج شروط البنوك، لأنّها لا يمكن ان تخصم أكثر من 33 في المئة من راتب المستفيد وإذا كان عمره قريبا من 60 عاماً فسيرتفع القسط الشهري وهو ما ينطبق على حالات دخلها منخفض أيضاً قد لا تتمكن من الحصول على السقف الأعلى للقرض، مع وجود كثير من الحالات المختلفة التي لا يمكنها الحصول على القرض رغم موافقة الصندوق لها.
فكيف سيعالج الصندوق هذه المعضلة؟ بل والعقبة الكبيرة أمام تلاشي دوره بحلول ملف تملك السكن ؟ فهي من صنع يديه بينما كان نظامه السابق أكثر مرونة وفائدة للمواطنين سواء من حيث مدة السداد أو حجم الأقساط المريح والعديد من المزايا المعروفة، فمن الواضح ان الصندوق ليس ضامنا للحصول على التمويل وموافقته لم تعد نهائية، بل القرار لدى الممول رغم ان الصندوق تعهد بسداد تكاليف تلك القروض فقط، بينما بات المستفيد بمواجهة الممول التجاري ويعامله على حسب شروط أي منتج تمويلي آخر وهو ما لا يمثل معالجة أو دعما حقيقيا ملموسا لتمويل من صدرت لهم موافقة، فالبرنامج «التمويل المدعوم» بات أشبه بجسر لتسويق قروض من البنوك والممولين المرخصين بل ويدفع لهم تكاليفها ويوفر لهم عملاء حسب شروطهم، فباتت تلك الجهات التمويلية هي المستفيد الأكبر من هذا البرنامج.
ان التمويل المدعوم من الواضح انه شبه مشلول ولن يعول على الأرقام التي تصدر الموافقات من الصندوق لها بل من تمت الموافقة له من الممول الفعلي، مما يعني انه لا بُدَّ من إعادة النظر في البرنامج وتغيير شروطه ليكون له علاقة مباشرة ودور فعلي بالموافقة النهائية من الجهات التمويلية التجارية ليكون بمثابة ضامن بل وشريك بجزء من القرض ليكون هناك حراك حقيقي ينعكس على المستفيدين.
صندوق التنمية العقاري لعب دوراً رئيسياً منذ تأسيسه قبل أربعة عقود بحلول تملك السكن، أما بعد التغيرات الهيكلية بعمله التي أنتجت هذا البرنامج فقد أفقدت الصندوق دوره الرئيسي بحلول الإسكان وحولت المستفيدين للممولين التجاريين دون أي دور حقيقي له باتفاقيات القروض، باستثناء دفع تكاليف التمويل التي يعوضها من خلال ربط ما لديه من أرصدة بأدوات استثمارية تحقق له دخلا يغطي التكاليف التي يدفعها، وهذا ما يحجم من دوره مستقبلاً في سوق الإسكان ويسلم الراية للقطاع التمويلي الخاص وهو ما يصعب من حلول الإسكان لشرائح عديدة ما لم يجد الصندوق دوره المناسب والقوي في سوق يتنامى ويتطلب أذرعاً تمويلية ضخمة لا يمكن لاحد ان يعوض دور الصندوق فيه الذي يبلغ رأس ماله 192 مليار ريال، وهو ما يفوق رؤوس أموال البنوك التجارية المحلية ومؤسسات التمويل العقاري مجتمعة.