ياسر صالح البهيجان
آلاف من حملة الشهادات العليا ينتظرون فرصة تعيينهم في وظائف أكاديمية، في ظل تزايد إنشاء الجامعات في المملكة، وحجم إقبال خريجي الثانوية على التعليم الجامعي، إلا أن المؤسسات التعليمية الكبرى لا تزال مصرّة على استقدام أساتذة وافدين في كليّات إدارية وتربوية وإنسانية، رغم وفرة الكفاءات الوطنية فيها.
القيادة الحكيمة تخصص من ميزانية الدولة سنويًا المليارات لتخريج وابتعاث جيل شاب يستحق أن يجد فرصته الوظيفية في الجامعات السعودية، بينما لم تتخذ وزارة التعليم أي خطوات واضحة للاستفادة من أصحاب المؤهلات العليا، ولم تضع خارطة طريق لعملية إحلال المواطن بدلاً من الوافد في مقاعد التدريس، ما يعني أنها تمارسًا نوعًا من هدر الموارد البشرية، وتجدف عكس تيار الرؤية الوطنية التي أخذت على عاتقها توطين الوظائف، وسعودة معظم القطاعات الحيوية.
معظم الجامعات الوطنية الكبرى في العالم تعتمد على أبناء البلد في التدريس، ولا يشكل الوافدون إلا نسبة ضئيلة منهم، بينما في 16 جامعة سعودية يشكل الأساتذة غير السعوديين أغلبية تفوق الأساتذة المواطنين، وتشير الأرقام أيضًا إلى أن هناك قرابة 26 ألف وظيفة أكاديمية يشغلها الأجانب، ما يؤكد بأن هناك خللا في آلية الاستقطاب، وعزوف من مؤسساتنا التعليمية عن توظيف المواطن المؤهل، وهو خرق واضح للمادة الرابعة من لائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات، والتي أكدت بأن توظيف الوافد لابد أن يكون في حال لم تجد الجامعة مواطنا يمكنه شغل ذلك المقعد.
وزارة التعليم مطالبة باستثمار العقول السعودية المتميزة والمبدعة في شتى المجالات، ولدينا نماذج مشرفة من الضروري توفير بيئة محفزة لها ودعمها، وهي الثروة الحقيقية التي بمقدورها تحقيق نهضة فكرية في المجتمع، في ظل سعي المملكة للتحول والاستفادة القصوى من مواردها البشرية قبل الموارد الاقتصادية.
المجتمع ينتظر خطوات تصحيحية من الجهات المسؤولة عن السلك التعليمي، سواءً في محتويات المناهج، أو نوعية الوسائل التعليمية، أو في جودة المباني المدرسيّة، وحتى في منهجية التوظيف والاستقطاب. العملية التعليمية منظومة متكاملة تنهض متى ما تكاملت أضلاعها، وارتقت بتطلعاتها لتلامس الأهداف الوطنية الكبرى الطامحة لمجتمع أفضل.