نوف بنت عبدالله الحسين
(غنى الغمام..
وهلل المزن هتان..
في ليلة تمطر..
تغاريد وألحان..)
- إبراهيم العواجي
كناري غرد خارج السرب.. نقل وطنه على دفتي جناحه بحب.. ونثر ألحانه في كل الأقطار.. ليشكل لنا تاريخًا عريقًا من الفنون المتنوعة.. نعود إليه في كل جوانب الحياة.. وحين بدأ التعب أبى إلا أن يسعد محبيه لآخر لحظة في حياته.. فتتشكل لحظة درامية على مسرح الفرح.. وتتوقف الألحان.. وتسقط (الراء) من بين حنجرته.. ليصبح حدثًا أسطوريًّا.. ويبقى محبوه في حالة الذهول والألم.. إلى هذه اللحظة..
هكذا كان رحيل أبي المساكين.. وحبيب الجميع.. صاحب الابتسامة العبقة العطرة.. الذي ناله من الناس والدنيا ما ناله من حرب وألم.. وزرع في قلوبنا الحب.. مواقفه ومؤازرته ووطنيته ومحبته منهاج حياة لمن أراد السمو.. نبل وسماحة.. روحه جعلته قريبًا جدًّا.. فتستشعر إحساسه من خلال موال شذى به لينقلك لعوالم الأزمنة ما بين الحواري والمشربيات.. كاريزما طلته البسيطة جعلت منه أيقونة جمال.. وأرشيفًا أنيقًا من ألحان، وشدوًا يأخذك بعيدًا، ويخترق إحساسك ونبضك.. فعندما يمر حرف الراء عابرًا مكتنزًا منسابًا كأعجوبة تجعلنا نبتسم رغمًا عنا.. وعذوبة المعنى والمغنى.. فـ (ماذا أقول؟) وقد هامت قلوبنا لمن أهدى الحب بأبسط صورة.. ولمن أهدى قلبه للكل.. فالكرم ينحني احترامًا لعطائه (اللامتناهي).. فمن النادر أن ترى كرمًا يتجاوز المال فيصل بالروح إلى أعلى نقاط العطاء.. فيبلغ الأمر منتهاه أمام مرأى الجميع..
وبعد مرور الأعوام ما زال المداح متربعًا على عرش القلوب.. فواحًا بأهازيج الفرح.. فـ(العطر) كان (شعاع) ينساب بعذوبة إلى مسامعنا.. وتطرب الأذن للراء الطلالية.. فتصبح تلك الأغاني ملهمات في سماء الإبداع..
طلال علمنا حب الوطن.. وهل نحب سواه.. وعبر بنا إلى (سلم الطائرة).. وأخذنا برحلة على (الكاديلاك في عرض السوق).. ونصحنا بـ(السكوت أرحم.. ولا الشكوى لظالم).. وأخذنا إلى (القمر زوار).. تربينا أجيالاً نتأرجح على نغمات صوته.. وكبرنا ونحن نستمتع بظهوره كل حين.. وأورثنا حبه لمن بعدنا.. إنه حب يتنامى كل عام، ويزدهر وينبض بالحسن والفرح..
بعدك طلال أصبحنا (أغرابًا).. وأصبح للأرض صوت.. اسمه (طلال).. فبتنا نحب الأرض وصوت الأرض.. ونترحم عليك كلما لاح اسمك أو غرد صوتك أو ظهرت صورتك.. رحم الله صوت الأرض.. رحم الله طلال.