د. أحمد الفراج
سنتحدث هنا عن علاقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، باليمين المحافظ، وهي العلاقة التي يحرص الإعلام الأمريكي، المنحاز ضد ترمب، على تضخيمها، وجدير بالذكر أن هذا الإعلام يمثل وجهة نظر الدولة العميقة، التي تحارب ترمب، لأنه جاء من خارج المؤسسة الرسمية، وليس للوبيات الضغط أي فضل عليه، فقد انتخب رئيساً بأصوات الشعب، الذي وصل إلى قناعة بأن المؤسسة الرسمية الأمريكية لا تكترث به، ولا بهمومه، بل تعمل لمصالحها الخاصة، وتدعم من يعمل لمصالحها على حساب مصالح الشعب، ومعظم رؤساء أمريكا السابقين، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، من هذه العينة، وما رونالد ريجان، وبوش، وكلينتون، وأوباما إلا أمثلة حية لربائب الدولة العميقة، الذين تهمهم مصالح الشركات الكبرى العابرة للقارات، أكثر من الشعب الأمريكي.
لم تكن الدولة العميقة في أمريكا تعتقد أن ترمب سيفوز، إذ لم تكن تدرك حجم الغضب الشعبي عليها، ولذا أتاحت وسائل الإعلام منصاتها لترمب، وعلاوة على ذلك، فإن ترمب، وفريقه الانتخابي، كانوا يدركون حجم الغضب الشعبي، ولذا توجه ترمب للشعب مباشرة، عبر حسابه على تويتر، وعبر التجمعات الانتخابية المباشرة، وخاطب الشرائح الغاضبة باللغة التي كانت تنتظرها، أي الشعب الأمريكي أولاً، فاستطاع أن يشعرها بأنه نصيرها، ضد الدولة العميقة، ورغم أن المؤسسة الرسمية الأمريكية أدركت خطورة ترمب، وإمكانية فوزه، إلا أن ذلك جاء متأخرًا، ولذا لم تفلح كل محاولات الإعلام في تشويه صورته، فقد كان نجمًا للشرائح الشعبية، التي لم تعد تثق بالساسة التقليديين، ولا بالأعلام، ومعظم هذه الشرائح هي من المواطنين البيض، ومن الطبقة المتوسطة والفقيرة تحديداً، فهل كل هؤلاء من اليمين المتطرف كما يزعم أعلام اليسار؟!.
نعم، اليمين المتطرف دعم ترمب، ولا يزال يدعمه، لكن هذا اليمين المتطرف، الذي تمثله الحركات النازية، ومنظمة الكلو كلكس كلان، يعتبر جزءاً من أنصار ترمب، لكن معظم أنصاره لا يدعمون هذه المنظمات المتطرفة، بل ويقفون ضد ايدولوجيتها الإقصائية والعنيفة، وقد صوتوا لترمب، لأنه يمثل لهم المنقذ من الرأسمالية المتوحشة، التي تمثلها الدولة العميقة، على أمل أن يفي بوعوده، ويعمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية، وبعد الأحداث العنصرية الأخيرة، حاول الإعلام، ولا يزال، الزعم بأن كل أنصار ترمب من العنصريين، بل تجاوز بالزعم بأن ترمب ذاته عنصري!، وهو زعم لا يستند على حقائق ثابتة، فحركات اليمين المتطرف لا تمثل إلا نسبة قليلة من أنصار ترمب، كما أن هذه الحركات موجودة، خلال عهود كل الرؤساء السابقين، وقامت بأفعال تشابه ما حدث مؤخراً، في ولاية فرجينيا، ولكن الإعلام لم يضخم تلك الأحداث كما يفعل الآن، لأنه كان على وئام مع أؤلئك الرؤساء، وليس منحازاً ضدهم بقوة، كما هو الحال مع ترمب.