عبد الله باخشوين
.. هكذا -بلا مقدمات- تجد نفسك ((غريقاً)) في بحر متلاطم الأمواج والأطماع.. وأنت تجهل حتى أبسط أولويات السباحة.. لكن عليك أن لا تغرق ولا تسمح لتلاطم الموج أن يذهب بك لأبعد مما أريد لك.
جميعهم.. وبلا استثناء.. نظروا الى حلمك بسخرية وقرروا أن عليك أن تجرب ما تريد.
ألم تكن تحلم.. وتزعم أنك ماض تسير على الماء ولا يصيبك البلل.. وهذه المرة لم يصرخ أحد مستنجداً:
- غريق..!
كلهم التفوا حول بحر غرقك.. ومضوا يتسابقون.. يقذفون لك حبال وهم النجاة.. وكل يأمل أن تتعلق بحبل يغرقك في لجته.
أربكك.. وأثار هواجسك كل هذا العدد من الحبال التي امتدت اليك لتتعلق في الوهم و تضيع.
وهكذا - بلا مقدمات - رأيت البحر الذي غرقت فيه يلفظ جسدك ولا يريد أن يبتلعك.. كأنك جيفة لا يريد حتى الماء أن يبتلعها.. ولا يريد أن يلفظها أيضاً.
وفي كل هذا الزحام وجدت نفسك وحيداً.. لا أهل ولا أقارب ولا أصدقاء.. بل ولا حتى أعداء ايضاً.
وحيداً كجثة الغريق الذي لا يغرق.. ولا يطفو.
لا أحد يريدك حياً.. ولا أحد قادر على دفعك للجة الموت الذي ترفض أشداقه أن تبتلعك.
ورطة كبيرة كنت فيها.. ثم أصبحت عائماً في اللجة لتصبح أكثر من ورطة تورط فيها من قذف بك الى الماء.. ومن مد لك حبال الموت في مداه.
ورطة لا سبيل للخلاص منها.
لا أحد يريد أن ينقذك..
لا أحد يمتلك الشجاعة والجرأة التي تكفل لك سبل الحياة الكريمة والنجاة كأني بها سابقة أولى.. أن تجد في البحر من لا يجيد السباحة.. والكل يقف على الشاطئ.. لا يريد له الموت ولا يريد له النجاة.
حالة سريالية غريبة ككل الذي حدث ويحدث.
فها أنت ترى أن كل من يقف على الشاطئ لا يملك طوقاً للنجاة.. حتى من خلال الوهم الذي يمده إليك ويحثك على الوصول إليه.
لا يملك طوقاً لينجو منك ومن الغرق الذي فيك حتى وهو خارج الماء وهو الغريق.
سريالية مغرقة في شدة سوداويتها وهزلها.
مسرحية غريبة لم يكتبها أحد.. ولا يجرؤ على كتابتها أحد.
هكذا -فجأة- وجدت نفسك تجلس على كرسي في صالة عرض خالية إلا منك أنت الوحيد الذي استطاع أن يرى كل شيء.. ويصدق ما يرى عمن يقيم منه.
يرى كل شيء.. ولا يجرؤ أن يتحدث عن أي شيء مما رأى ويرى.
مشاهد وحيد.. لا يريد أن يرى أو يروي ما رأى.. ولا يريد أن يصدق ما رأى.
يريد فقط من هذه الشاشة الكبيرة أن تطفئ نورها.. بعد أن تضع بخط باهت لا يكاد يرى كلمة ((THE END)).