عبدالله العجلان
يُعرف مركز التحكيم الرياضي السعودي بأنه الجهة العليا والحصرية للفصل في المنازعات الرياضية، ويتمتع بشخصية اعتبارية له صفة الحياد والاستقلالية، وبحسب لوائحه وتنظيماته وصلاحياته فهو يمثل محكمة (CAS) الرياضية الدولية في المملكة العربية السعودية، وغالباً ما يلجأ إليه بعد صدور القرارات من قبل اللجان التأديبية، وتعتبر قراراته نافذة الأمر الذي يزيد من حجم مسؤولياته وحساسية وأهمية وتأثير قراراته.
للأهداف والظروف والمتطلبات الموضحة أعلاه تم إنشائه ليكون مصدر تنظيم وضبط وعدالة للرياضة السعودية، وكنا بالفعل متفائلين بأن يكون كذلك لكن للأسف الشديد حدث العكس، فبدلاً من أن يضع نفسه في المكانة المحترمة اللائقة به، وبالتالي تصدر عنه القرارات التي تؤكد استقلاليته وتبرز دوره المهم في المنظومة الرياضية وجدناه طرفاً رئيساً في التأزيم ونشر الاحتقان بسبب فوضوية أدائه وتناقض قراراته، الأسوأ والأخطر من هذا أنه أصبح أقل فهما وكفاءة وانصافاً من لجان العقوبات الأولية، بل إنه في قرارات الغريبة دفع الكثيرين وفي مقدمتهم المتخصصون في القانون الرياضي إلى التشكيك بمهنيته ومصداقيته، وهنالك من رأى أنه لم يرتكب هذه الأخطاء والتجاوزات إلا لأنه يتأثر ويسمح بالتدخلات ويستسلم لنفوذ وضغوط أندية بعينها.
الأغرب والأكثر ريبة توقيت استقالة رئيس المركز ثم يعقبها ويبنى عليها تعليق قرار منع نادي النصر من التسجيل في الفترة الصيفية، ومثله تعليق إيقاف اللاعب عوض خميس، وهذه قرارات تكشف تخبط عمل المركز والتباطؤ المتعمد في حسمها، ما يدل على أن الهدف من تعطيلها وعدم تنفيذها استفادة النصر الذي صدرت ضده وضد اللاعب خميس قرارات مبنية على لوائح وأنظمة واضحة وصريحة، مثلما أن الأخطاء التي وقع بها النصر واللاعب لا يمكن التغاضي عنها تحت أي مبرر، هذا كله مع ملاحظات أخرى تجعلنا كرياضيين نعيد حساباتنا في المركز، وبسببها سيفقد ثقة الجميع به وبخاصة من قبل المتعاملين معه أندية وإداريين ومدربين ولاعبين، بعد أن خالف أهدافه ومبادئه ولم يهتم بتطبيق العدالة على الجميع بلا واسطات ولا استثناءات أو تمييز ناد على آخر.
المدربون.. لم ينجح أحد
"المدرب فاشل.. لا يفقه في التدريب.. اطردوه"، هذه العبارات باتت متداولة عند غالبية جماهير الأندية وكذلك الإعلام المحسوب عليها، المضحك والمفجع معاً أنها لم تصدر في نهاية الموسم أو في منتصفه أو بعد مضي مباريات يمكن من خلالها الحكم عليه وإنما نسمعها وتتردد موسمياً بعد أول أو ثاني مباراة في الدوري وأحياناً تصدر في المعسكر الإعدادي وفي مستهل إشراف المدرب على الفريق وبمجرد أن يتعرض الفريق لأول خسارة أو تعادل حتى لو كانت المباراة ودية تجريبية.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد وإنما يشكل ضغطاً على الإدارة والتي بدورها تتجاوب مع مطالب الجماهير والإعلام وتتخذ قرار الاستغناء ومعه شيك بمبلغ الشرط الجزائي، ليبدأ النادي مشوار البحث عن مدرب بديل بتكاليف جديدة وعادة ما يكون البديل بمستوى أو أسوأ من السابق، ليس استناداً لإمكاناته ونتائجه وإنما لأن تقييمه والتعامل معه سيكون على طريقة سابقيه، وهكذا تتكرر المواقف مع كل مدرب وكل موسم ومع جميع الأندية بلا استثناء.
هذه القرارات الاعتباطية العشوائية تجاه أمر فني معقد ومهم ومؤثر هي من ساهمت بتدهور الكرة السعودية وعطلت تطورها رغم ما ينفق عليها من مئات الملايين سنوياً، وهي من جعلت ضرر الاحتراف أكثر من نفعه، ودفعت اللاعب المحترف إلى التكاسل وعدم الاهتمام بنفسه وأداء واجباته، طالما أن اللوم من الجماهير والإعلام وكذلك الإدارة على سوء النتائج بل حتى تدني مستوى اللاعب سيوجه دائماً وأبداً للمدرب.