محمد آل الشيخ
أهم سلاح في أيدي الإرهابيين هو تزوير شعيرة الجهاد، وإلصاق العمليات الإرهابية والانتحارية بها. مفتو جماعة الإخوان الإرهابية كان لهم قصب السبق في استغلال هذه الشعيرة وتزويرها منذ انطلاق عملياتهم الإرهابية، عندما (اغتالوا) رئيس الوزراء المصري في منتصف القرن الماضي النقراشي باشا، وتوالت بعدها العمليات الإرهابية، أو كما في تصنيفاتهم (العمليات الجهادية، إلى يومنا هذا؛ ثم قام الإخواني الأفاك الإرهابي (يوسف القرضاوي) باختراع (العمليات الانتحارية) وأوجد لها تأصيلا فقهيا مفبركا واعتبرها من أعمال الجهاد المشروع في الإسلام.
الجهاد في الإسلام -كما هو معروف- له شروط وضوابط، والقتال فيه له محاذير، ولم يتركه فقهاء الإسلام الأوائل على عواهنه؛ فلم يعرف الجهاد طوال تاريخه أن قتل النفس، والإلقاء بها إلى التهلكة متعمدا، أنه نوع من أنواع الجهاد، حتى جاء هذا الأفاك الحركي، ليشرع في الدين ما ليس منه، بل وما حذر منه، غير أن مثل هذه الفتوى لاقت لدى الحركيين ومعهم فقهائهم هوى، فالتقطوها، وسيّروا ركابهم بذكرها في الأمصار، وتزاحم الشباب الغر الجاهل في طوابير المنتحرين، رغبة في أن ينالوا أجر وثواب المجاهدين بأقصر الطرق، ويتمتع بملذات الجنة، وعلى رأسها مضاجعة الحور العين المحروم منهم في الدنيا، مستغلا هذا الأفاك نزعتين مركزيتين لدى الشباب، وهما نزعة الجنوح إلى العنف، ونزعة الحرمان الجنسي، ليجيرها لمصلحة الثوار المتأسلمين؛ ولأن تثوير المجتمعات الإسلامية تحتاج إلى من يتتبع أدلة أهل السنة في (وجوب) طاعة ولي الأمر، وعدم جواز الانشقاق عليه، أصدر المدعو «سلمان العودة» كتابا له سماه (أسئلة في الثورة) جاء فيه على كل هذه الأدلة، ونسف صحة بعضها، وأوّل البعض الآخر، واكتفت الحكومة بسحب الكتاب ومنعه من البيع في المكتبات. كذلك المدعو «ناصر العمر» أصدر كتابا تحريضيا على المواطنين الشيعة سماه (واقع الرافضة في بلاد التوحيد) شن فيه على الشيعة حملة تكفيرية، رغم أنهم مواطنون أصيليون من مواطني المملكة، ومكوّن أساس من مكونات شعبها، ومثل هذه الدعوات الضالة المضللة في قواميس المواطنة، هي ما سهل على (داعش) فيما بعد استقطاب سعوديين لتفجير مساجد الطائفة الشيعية في المملكة.
وغني عن القول إن الجهاد المشروع في الإسلام أن يكون تحت راية ولي الأمر أو بإذن منه، وبالتالي فإن كل من دعا إلى الجهاد تمردا على ولي الأمر، سواء من خلال خطبة أو بيان معلن، أو كتاب مدون أو من حرض على مكون من مكونات المواطنين، أو دعا إلى ثقافة البغضاء والكراهية ليوغر بها الشباب ويمهد لتجنيدهم للحركات الإرهابية، فيجب محاكمته، لأنه ساهم مساهمة محورية في تهيئة الأجواء والأنفس لخدمة الإرهاب.
والسؤال الذي يبحث عن إجابة: لماذا لا يعاقب هؤلاء؟.. القرضاوي ليس في الإمكان محاكمته وعقابه، لأنه يعيش في دويلة تتماهى مع ما يدعو إليه، أما المحرضين السعوديين، فحان وقت محاكمتهم ومحاسبتهم، ولا سيما وأن الأدلة التي تدينهم، وتدين ممارساتهم الإرهابية والتمردية وعلاقاتهم (المشبوهة) بمهد الإرهاب قطر تدينهم، وتجعل عقابهم من أوجب الواجبات.
إلى اللقاء..