أمل بنت فهد
بعض الرحمات والعطايا حين تمنح في غير مكانها.. فإنها مشاركة ساذجة في حلقة من سلسلة طويلة من الاستغلال.. والعبودية.. والأذى.
حين يقترب منك طفل سحقه الفقر ويمد يد التسوّل.. قبل أن تتدفق من صدرك الرحمة.. انتظر قليلاً.. فإن ما ستجود به محفظتك لن يكون له.. بل مساهمة منك دون أن تدرك لتضخم رصيد وحش ينتظره نهاية اليوم ليقبض منه حصاد سذاجتك ورحمتك.. ذاك الطفل أو تلك المرأة.. بدوام طويل في الطرقات.. وعند إشارات المرور.. بشر تم استغلالهم تحت التهديد.. أو مقابل سقف يغطيهم.. وأسباب أخرى كلها سياط تنهال عليهم.. فلا تكن أنت سبباً جاهلاً لتعقد حياتهم أكثر مما هي معقدة.. فإن أردت حقاً مساعدتهم.. قدِّم بلاغاً للجهات الأمنية.. فُك قيودهم.. لتكون الشوارع محرَّمة عليهم.. وتبور تجارة الظلم.
وحين تسمح لعامل أو عاملة مخالفين بأن يعمل أحدهم لديك براتب مرتفع أو منخفض عن حقه.. فأنت تنسى وربما لا تدري أنه لن يحصل على تلك المبالغ لنفسه.. بل سيذهب أغلبها لسيده التاجر.. أنت لا تدرك حجم معاناة من يكون غير نظامي ويضطر للعمل تحت غطاء.. سيعمل في أي مهنة كانت.. مهما كانت خطيرة.. وضيعة.. ويمكن أن ينخرط في جريمة.. حياتهم أصعب مما تتخيل.. ساعدهم وفك وثاقهم وبلِّغ عنهم.. حرّرهم من هذا العذاب.. وحرّر نفسك من خطيئة المشاركة في أحقر مهنة على مرّ التاريخ.. وطهر حياتك من عذابات الهاربين الباحثين عن حاجتك ليتخفوا من خلالها عن عيون الأمن.
الاتجار بالبشر عالم من الشر الذي لا يخطر على بال.. استخدام الإنسان لكسب المال بأي ثمن.. استعباد لا تهمه الوسيلة التي يدفع بها الأضعف ليحصد له المال.. ولك أن تتخيل طريداً خائفاً وجائعاً.. ماذا سيفعل من أجل أن يتنفس فقط.
بلِّغ عنهم.. فعودتهم لأوطانهم أكرم لهم.. بين أهلهم.. ارحمهم رحمة ذكية.. وليست ساذجة.. حين تسمح لهارب من القانون بأن يكون تحت حمايتك.. فأي نار تدخلها بيدك لحياتك ووطنك!
أي سلعة لا يكون عليها طلب.. تتكدس.. ومن ثم تموت.. فلو منعتهم من حياتك.. بيتك.. عملك.. شوارع مدينتك.. سيختنق التاجر ببضاعته الرديئة.. ولن يستفيد من إغراء البقية النظامية لتنضم إليه.. سيتورّط بهم.. لحوم مكدسة تحتاج لمكان وطعام وحياة.. ولا أحد يريدهم مهما تدنى أجرهم.
هذه التجارة تزدهر بسببك.. وتموت بسببك.. فاختر مكانك.