إبراهيم السماعيل
بعد جريمة برشلونة الإرهابية البشعة وقبلها كل الجرائم الإرهابية في لندن وبروكسل وباريس وغيرها الكثير من جرائم الإرهاب الذي طال مدناً أوروبية عدة وقتل بدمٍ بارد المئات من الأبرياء، يلح علي سؤال لم أستطع تجاوزه وهو لماذا يضرب هذا الإرهاب الأعمى هذه المناطق بعينها؟ ومن المستفيد من كل هذا الإجرام؟ ولماذا لا يضرب هذا الإجرام الداعشي المتوحش أعداءه الحقيقيين (كما يدعي) وأعني عصابة الأسد وأسيادها الفرس وحلفاءهم الطائفيين في العراق وسوريا ولبنان؟ لماذا لا ينقل داعش (لو كان صادقاً) حربه إلى مدن هؤلاء الفجرة الذين لا يقل داعش عنهم فجوراً وتوحشاً، هذه المدن التي تنعم باستقرار قل نظيره حتى في أوروبا التي مزق أجساد ساكنيها هذا الإرهاب الأسود.
قد يحاجج البعض بقوة القبضة الأمنية لدى هذه العصابات الطائفية، لكنها في نظري حجةٌ لا تصمد للتحليل المنطقي والمحايد حيث إن القبضة الأمنية خصوصاً لدى عصابات الأسد وعصابات المالكي الطائفية تتميز بالكثير من الثغرات التي لم تستغلها داعش إطلاقاً، وحيث إن أفراد هذه العصابات لديهم الاستعداد لبيع كل شيء مقابل المال، وقد جربنا هذا عشرات المرات من قبل حيث باعوا أسلحتهم ومواقعهم مقابل المال، كيف لا وزعيم هذه العصابة الأسدية قد باع ودمر سوريا كلها مقابل مصالح وحقد أقلية قليلة حتى من طائفته نفسها، فلقد سلمت عصابات الأسد مناطق كاملة لداعش عندما لم تستطع الدفاع عنها ثم عادت واستلمتها من داعش عندما سمحت ظروفها الميدانية بذلك، حدث هذا مرات عديدة في تدمر وحمص وغيرها من المناطق السورية، نفس الشيء حدث في الموصل العراقية عندما سلم نوري المالكي الموصل لداعش ليتمكن هو وإيران من تبرير إنشاء الحشد الشيعي (وأنا هنا لا أعمم بل أخص عملاء إيران فقط)، وليس الشعبي كما يزعمون والذي فعل ومازال يفعل الأفاعيل بالعرب السنة في العراق تحت شعار محاربة الإرهاب الداعشي، وليتم التبجح فيما بعد (كما نرى الآن) بالانتصار على داعش وتحرير الموصل بعد تدميرها وإبادة وتهجير سكانها والذي شنت الحرب أصلا على المدينة وليس على داعش، وكان هذا هو القصد الأساس من هذه المسرحية القذرة، نفس الشيء نراه الآن يتكرر في مسرحيات قتال داعش في الرقة وشرق لبنان والذي يصب كله في مصلحة مشروع تغليب الأقليات (وأقصد هنا المرتبطة بإيران تحديداً وليس عموم الأقليات الذين هم أخوةٌ لنا) تحت هذا الشعار الزائف المسمى الحرب على الإرهاب والذي تم تأسيسه فعلياً على الأرض بعد السنة الأولى من الثورة السورية.
إن الحرب الكرتونية (والانتصارات) الهزلية التي يتبجح بها حزب الشيطان بعدما سمي حرب الحزب على جبهة النصرة شرق لبنان ليست أكثر من مسرحية تافهة تخدم كذبة قتال الحزب للإرهاب الشبحي (من أشباح)، والدليل ما بثه إعلام هذا الحزب الشيطاني من مشاهد معسكرات جبهة النصرة والتي هي أقرب إلى ملاجئ بائسة لمشردين منها إلى معسكرات لمقاتلين حقيقيين، إضافةً طبعاً إلى أننا لم نشاهد ولو جثةً واحدة لقتلى النصرة أو جرحاهم أو أسراهم ولا حتى ما غنمه الحزب من أسلحة (وهذا ينطبق على داعش أيضاً)، نفس هذه المسرحيات مورست في الموصل وتتكرر الآن في الرقة ليس لقتال داعش إنما لتدمير هاتين المدينتين وتهجير سكانهما كما حدث قبل ذلك في حمص وحلب وتكريت والفلوجة والكثير من المدن العراقية والسورية العربية السنية في تطهير طائفي غير مسبوق، وقريباً إدلب تحت نفس الذريعة. عليه فإنني مضطر أن أكرر نفس السؤال الذي ورد في صدر هذه المقالة ليس دعوةً للقتل ولا تشجيعاً للإرهاب إطلاقاً ولا حتى موافقة على قتل الأبرياء أياً كانت ديانتهم ومهما كانت المبررات فهي مرفوضة ومدانة بشدة لكن لمحاولة فضح هذا الكذب وهذا التآمر وهذا الإجرام تحت ذريعة محاربة الإرهاب الداعشي. السؤال مرةً أخرى لماذا يستهدف داعش بإرهابه بروكسل وبرشلونة ولندن وباريس وليس الضاحية واللاذقية وطرطوس والمنطقة الخضراء في بغداد ودمشق وطهران وكل مدن هذا التحالف الشيطاني الطائفي؟ والتي لا نتمنى للأبرياء فيها إلا كل الخير. مع العلم أنه حدث بعض التفجيرات والأعمال الإرهابية في هذه المناطق والتي تم نسبتها لداعش أو حتى أعلنت داعش عن تبنيها، إلا أنني أعتقد جازماً أن الغالبية العظمى منها هي من تدبير هذه العصابات الطائفية كما حدث مؤخراً من تفجيرات في طهران لسببين:
الأول: شد العصب الطائفي لدى البيئة الحاضنة لهذه العصابات لتخويفهم من الإرهاب الداعشي وتكريس كذبة محاربة الإرهاب لديهم.
الثاني: لاكتساب بعض المصداقية الدولية بأن هذه العصابات هي إحدى ضحايا هذا الإرهاب وعليه فلا مانع أن يسهلوا أو حتى يفتعلوا بعض هذه الأعمال الإرهابية لديهم حتى وإن أدت إلى قتل بعض الأبرياء من جمهورهم كما حدث في تفجيرات الضاحية الجنوبية في لبنان.
باعتقادي أن عدم استهداف داعش لهذه المدن وغيرها والتي تقع تحت سلطة هذه العصابات الطائفية يثبت أن داعش ليست سوى حليف أو دمية بيد هذه العصابات المجرمة وأن كل الجرائم الإرهابية التي تمارسها داعش أو تنسبها لنفسها في الحواضر الغربية تصب في مصلحة إعطاء هذا التحالف الشيطاني بعض المصداقية في حربه الكاذبة على الإرهاب الداعشي الذي قام هو بتأسيسه وتسليحه وتمويله منذ خمس سنوات تحت سمع ونظر العالم الذي مازال لا يحرك ساكناً حيال محاربة من أسس ورعى ودعم ومازال يدعم هذا الإرهاب، ولو حدث قبل خمس سنوات أن هذا العالم منع بصدق وقوة إيران وحلفاءها الطائفيين من تأسيس ودعم هذا الإرهاب الداعشي لما كنا نتحدث الآن عن جرائمه في حواضر أوروبا وفي كل المدن السنية العربية في العراق وسوريا ولما كانت سوريا والعراق مكاناً خصباً لتدريب وتفريخ هؤلاء الإرهابيين.
قبل الختام لابد من الإشارة وحتى لا تختلط الأمور لدى البعض إلى أنني أدرك أن تاريخ الإرهاب سابقٌ لداعش بعقود لكنني هنا أتحدث تحديداً عن الإرهاب الداعشي.