فهد بن جليد
إطلاق مركز التوثيق الوطني للتدريب خطوة موفقة وناجحة، فنحن في حاجة لتوثيق عمل التدريب في المملكة، وتصنيف المُدربين من الجنسين مُنذ وقت مبكر لوقف العشوائية التي أصابت هذا المجال، الذي بات للأسف باباً مُباحاً لأنصاف المُتعلمين، ومهنة تدر أرباحاً طائلة لعاطلين لا يملكون المؤهل والخبرة والدراية الكافية، رصيدهم الوحيد الوجاهة مع الحد الأدنى من الذكاء والفصاحة والإبهار، وبطاقة أو شهادة اعتماد من معاهد مجهولة دفعت بهم في الساحة كمُدربين مُعتمدين دون شهادات حقيقة، ودون معرفة خبراتهم وقدراتهم الذاتية، أو المناهج التخصصية التي يقومون بتدريبها، ولا المهارات الخاصة التي يعتمدون عليها أو يقدمونها، أو حتى الإلمام بجوانبهم النفسية والشخصية التي تؤهلهم للقيام بمثل هذا المهمة مع غياب آليات القياس والتقييم.
تطوير العملية التدريبية في القطاعين العام والأهلي مطلب إداري واقتصادي، بوضع إطار عام لتصنيف المُدربين وتحديد المعايير العلمية والعملية قبل إطلاق هذا اللقب، من أجل تحديد الكفايات اللازمة لشاغلي ومُمارسي هذه المهنة، في وقت تنتشر فيه الدورات العشوائية التي يقدمها مجاهيل في الداخل والخارج بهدف الكسب المادي عبر معاهد تقدم دورات أون لاين لمجموعات الواتس أب وغيرها، ومن ثم تمنح هؤلاء المُتدربين شهادات وبطاقات اعتماد ليصبحوا مُدربين مُعتمدين لغيرهم دون معرفة المعايير العلمية والمهنية التي تم الاعتماد عليها لمنحهم هذا اللقب، حتى أصبح من يلقبون أنفسهم بمدربين مُعتمدين - أكثر من الهمّ على القلب - لذا علينا أن نرحب وندعم أيّ جهد يهدف لتوثيق عمل المُدربين كمرجع رئيس لمعرفة المُدربين الحقيقيين، وتوثيق عملهم بطريقة مُنظمة، وهي خطوة مُناطة في الأصل بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني التي يبدو أنَّها أخفقت في ضبطها حتى وقت قريب، مما يجعلنا نطالب بتنظيم أكثر لقطاع التدريب وانتشاله من العشوائية التي تضرب أطنابه.
إغراق السوق بمن يطلقون على أنفسهم مُدربين مُعتمدين أو خبراء تدريب دون مرجعية مُعتمدة أو حتى مُلاحقة أو مُساءلة قانونية له أثر عكسي ضار على تأهيل الباحثين عن عمل، أو حتى من ينشدون التدريب والتطوير على رأس العمل، فالدخلاء على مجال التدريب يهددون مُستقبله ويقلِّلون من الاعتماد عليه، ليتحول من مجال استثماري له قواعده وآدابه وطرقه ومعاييره وفوائده كصناعة حياة، إلى أسهل طريق للربح بالنصب والاحتيال.
وعلى دروب الخير نلتقي.