سعد بن عبدالقادر القويعي
تأسيسًا على ما للنيابة العامة من ولاية عامة، تخولها تحريك الدعاوى الجزائية في جميع الجرائم وفق المواد: (13، 15، 17) من نظام الإجراءات الجزائية، فإن أي مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع، أيًا كانت مادتها، وذرائعها، ووسائل نشرها، فإنها ستكون محل مباشرة النيابة العامة وفق نطاقها الولائي، وبحسب المقتضى - الشرعي والنظامي - ومن ذلك: منشورات الوسائل الإعلامية، ووسائط التواصل الاجتماعي، والمحاضرات، والخطب، والكتب، ونحوها، وهو ما أكَّده النائب العام - الشيخ - سعود المعجب؛ الأمر الذي سيعالج ليس المشكلات الآنية - فحسب - بل سيحدد مقومات، ومتطلبات الأمن الفكري، وعوامل ترسيخه، ونشره بين شرائح المجتمع، وذلك في ضوء معايير، وضوابط تأخذ في الاعتبار نشر الفكر الآمن، والتحذير من الفكر المنحرف؛ من أجل الحفاظ على وحدة، وتماسك المجتمع، وتنمية الوطن، والمواطن.
المعالم المضيئة في قرار أمر النيابة العامة باستدعاء مجموعة من المغردين، ممن رُصِدَت عليهم اتهامات جنائية بالإساءة للنظام العام، وذلك من خلال التأثير على سلامة، واعتدال المنهج الفكري للمجتمع بمشاركات ضارة، سلكت جادة التطرف المفضي إلى مشايعة حَمَلَة الفكر الضال من تكفير، وتفجير، وشدة اختلاف في الرأي، تمثل في ضرورة تفهم سنة الخالق - سبحانه وتعالى - في الاختلاف، والتنوع، والتعددية، والتأكيد - أيضًا - على الحفاوة بتعدد المدارس الإسلامية في سياق عطائها - العلمي والفكري - المشروع، واعتباره من مظاهر سعة الشريعة الإسلامية، وعالميتها، ورحمتها بالعباد. - ومثلها - التأكيد على تبنّي آليات فاعلة في التأصيل لثقافة الحوار البنّاء، - إضافة - إلى أهمية تمكين العقل الإسلامي من أدوات الفهم السليم، والنظر الفاحص، والمعرفة الدقيقة لرصد الانحرافات الفكرية، ومعالجتها على ضوء الشريعة الإسلامية.
بعيدًا عن معطيات الإسلام، ومبادئه المتوازنة، فإن احتدام النزاع في الساحة - الفكرية والثقافية - اليوم، واشتداد المنافسة بين مواقع التوصل الاجتماعي، ومنشورات الوسائل الإعلامية، والمحاضرات، والخطب، والجهل بقواعد الشريعة الإسلامية في الترتيب بين المصالح، والمفاسد، والتباس عدد من المصطلحات، والمفاهيم الإسلامية أدى - مع كل أسف - إلى تفرق المكون - الاجتماعي والثقافي -، وتشرذمه شيعًا، وأحزابًا، وتنافر قلوب أبنائه؛ مما جعل بأسهم بينهم شديدًا، وذلك بسبب التكفير، والتفجير، وشدة البأس؛ الأمر الذي وشى إلى خطورة الاختلاف بدافع عقدي، أو بفكر مضطرب مشوش، وحملهم على البعد عن الصراط المستقيم، والمنهج الحق.
حتى تستقيم الحياة الدنيا، وتكتمل سعادتها، فإن تجريم هذه الأعمال تحت طائلة المساءلة القضائية، واعتبارها وقود الفتنة بين المسلمين، وفتيل التطرف، والتناحر، والتدابر سيحمي الفكر من المذاهب الهدّامة، والآراء الضالّة، والمناهج البعيدة عن الهدى، - سواء - كانت مناهج غلو، وإفراط، أو مذاهب كفر، وإلحاد، وسيضعها - في المقابل - في إطار محكَم لها، يضمن حرية التعبير مع احترام الثوابت الشرعية.