مها محمد الشريف
العالم اليوم يتسم بالإيقاع السريع وله سطوة كبيرة وأثر طاغ في الأسواق، فهو يعزو أسباب التواتر السريع إلى التقدّم في الخطط الاقتصادية والسياسية والاحتمالات والخيارات الكبيرة التي تنتهجها الدول الصناعية لتحقيق أغراضها، وإلى حد كبير يمكنها أن تخلق واقعاً مسؤولا عن كل ما تقدّمه من صناعات وابتكارات.
فمن خلال التحقيقات التجارية الرسمية التي أطلقتها الولايات المتحدة الأميركية في الممارسات المتعلّقة بالملكية الفكرية في الصين والنقل القسري للتقنية الأميركية، وهو ما دعا إليه الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع. ومع كل هذه الوفرة الصناعية والتقنية الأمريكية إلا أن التقدّم الصيني يستفزها ويؤثِّر على متانة اقتصادها، لأنها تنتج سلعاً باستخدام قدرات عقلية أمريكية فهي أقرب ما يكون من التقليد بكل درجاته، والهدف منه يذكّرنا باستمرار الأساسيات وإعادة التعريف بها، لأنها يقين لا يمكن تجاهله.
لكن المنطق الاقتصادي لا يمتثل لشروط محددة ولا مجال لمناصفة الأرباح أو توزيعها دون شراكة. لذا سنستبعد أي حل يجعل الصين تتخلّى عن شيء تمتلكه، ولذات السبب صرّح الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر في بيان له، قال: «لقد طلب منّي الرئيس ترامب النظر في القوانين والسياسات والممارسات الصينية التي يمكن أن تضرّ بحقوق الملكية الفكرية والابتكار والتطور التقني الأميركي». كما نقلت فرانس برس.
فقد أضاف قائلاً: «بعد التشاور مع أصحاب المصالح ووكالات حكوميّة، قرّرت أنّ هذه القضايا الحاسمة تستحق تحقيقاً شاملاً». وسيكون من العسير مواجهة غزو الصين للأسواق في جميع أنحاء العالم.
وفي الوقت الراهن لن يكون الجدل حول براءات الاختراعات مجدياً، لطالما اشتكت الشركات الأجنبية من فشل بكين في حماية هذا الجانب الحيوي. وفي بعض الحالات كانت بكين تفرض على المؤسسات تشارُك المعلومات مع شركاء صينيين محليين كنوع من الثمن الذي يجب تقديمه للاستثمار في السوق الصيني الضخم وإنشاء مشاريع فيه.
وما إن تصبح لدينا الأسباب والافتراضات، يمكننا أن نقيس عليها خوف الشركات الأجنبية من أن يتم منعها من دخول السوق الصيني، وتؤخذ الإجراءات ضدها، عطفاً على كلام لايتهايزر «سوف نحمي الملكيّة الفكريّة وبراءات الاختراع والعلامات التجاريّة والأسرار التجارية وأي ملكية فكرية حيوية لأمننا وازدهارنا».
وأضاف أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مجدّداً مع «سرقة» بكين للأسرار الصناعية الأميركية. وسوف يطبّق التحقيق بموجب البند 301 من القانون التجاري الأمريكي المتعلّق بالملكية الفكرية، ولكن جاء الرد من الجانب الصيني، بالتحذير من « أن الجميع سيخسرون» بعد الإتهامات الأمريكية. هكذا هو حال الاقتصاد في العالم بعيداً عن المبادئ والقوانين الغلبة للأقوى في السوق العالمية.
السؤال الأكثر أهمية مما تم سرده في هذا النص هو: هل الصين بصناعاتها الكبيرة انتهكت حقوق الملكية الفكرية للصناعات الأمريكية أو بالأصح البرامج الحاسوبية وقواعد البيانات وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية؟
سؤال قد تكون إجابته الأولى نعم وقد ينفي البعض ذلك لهيمنة فكرة طاغية أو رأي أقوى من بين رأيين متعارضين، لأن وضع أهداف منطقية لهذا الشأن غير قابلة للتحاور والتفاوض، إذ يفترض بهذه الإدارة أن تعترض وتحاسب قبل عهد ازدهار الصناعات الصينية وقبل إغراق الأسواق العالمية بمنتجاتهم، حتى إن عجزوا عن التغلب عليها فإنهم يتساوون معها أو يجتازوها على أقل تقدير.
ربما تكون هناك أسباب لا حصر لها وراء هذا التحقيق والبنود القانونية التجارية، فعقلية السيد ترامب اقتصادية بالدرجة الأولى لا تعترف إلا بالفوائد والأرباح من كل الاحتمالات، وتقديره لهذه الأمور التجارية جزء أساسي من سياسته الاقتصادية.