رقية سليمان الهويريني
من يشاهد الأعداد الهائلة القادمة من خارج المملكة ومن داخلها لأداء الحج يعجب، ويندهش حينما يسمع عن التجاوزات والتحايل بالدخول للمشاعر المقدسة دون تصريح الحج بشتى الأساليب، حتى ولو باستمالة رجال الجوازات الذين يردون المتجاوزين ويوقفون المخالفين ويلزمونهم بدفع الغرامات، عدا عن المخالفات الشرعية للحجاج وتعريض أنفسهم للتهلكة كالوقوف في أماكن خطيرة أو سلوك تصرفات جاهلية!!
وما يؤسف له أن فريضة الحج قد تتحول من عبادة إلى عادة وثقافة تحمل الشكل دون استشعار الحكمة من مشروعيتها واتقاء الشبهات، والسعي لمنح الآخرين الفرصة لأداء الفريضة، وهو ما ينبغي الاهتمام به، وضرورة توجيه الناس وتوعيتهم قبل نيتهم الحج، وإرشادهم بأنها فريضة تؤدى مرة بالعمر بشرط الاستطاعة.
وما يزيد الأمر عجباً، عدد العمليات الجراحية التي تُجرى للحجاج القادمين لأداء المناسك! برغم أني أدرك توق المسلمين لمكة المكرمة واشتياقهم لزيارة المشاعر المقدسة، ولكن أن يأتي حاج وهو يعاني من مرض مزمن لدرجة أن تُجرى له عملية القلب المفتوح والغسيل الكلوي، أو امرأة على وشك الولادة! فهو أمر يستدعي التوقف عنده! فالمريض يُعفى من أغلب الفروض الشرعية بحسب شدة مرضه، أما الحج فقد اشترط القدرة الكاملة بتوفر السبل الصحية والعقلية والمادية والأمن في الطريق وغيرها، بينما نجد كثيرين يتجشمون الصعاب لأجل القيام بالحج، وقد يكون قد أدى فريضته سابقاً، ويرغب التزود من الطاعات التي يمكن أن تؤدى بصور أخرى شتى! من عبادات فعلية أو قولية أو حتى قلبية وبالنوايا الطيبة، فالمسلم الذي لا يحمل حقداً أو غلّاً على أحد يدخل الجنة بعد أداء الفروض!
وسيد الخلق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة في عمره، بينما دلنا على طاعات متعددة يمكن للمسلم الحصول من خلالها على الأجر والثواب وهو لم يبرح مكانه.
أسأل الله أن يتقبّل من الحجاج، ويعيدهم لأهاليهم ولبلدانهم بأمن وسلام.