د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
السوق العقاري يكتنفه الكثير من الشائعات حول السوق العقاري، البعض يراهن على انهياره، والبعض الآخر يراهن على أن السوق يمر بمرحلة تصحيحية نتيجة عاملين تزامنا مع بدء تطبيق الضرائب على الأراضي البيضاء، والعامل الثاني انخفاض أسعار البترول الذي نتج عنه انخفاض في السيولة في السوق السعودي.وهناك انخفاض في الصفقات العقارية وصل إلى 40 في المائة في فبراير 2017 على أساس سنوي، ووصل انخفاض أسعار الأراضي إلى نحو 30 في المائة على مستوى المملكة، بل كان الطلب على الأراضي شبه متوقف عام 2016، وهذا يعني أن هناك متغيرات كبيرة تحدث في أسعار العقار.تمثل الأراضي وأسعارها دورًا كبيرًا جدًا في تحديد أسعار العقارات وهي عامل مهم في تصحيح مسار العقار، خصوصًا بعد تغير نظرة العقاريين والمستثمرين بأن سوق العقار سوق ثابت، وإذا تحرك فإنه يتحرك ببطء وثبات ليس كسوق الأسهم، هذه النظرة تغيرت بالكلية، لكن المهم بأن سوق العقار في المملكة ضخم ومتنوع وغير نمطي وغير سهل التبوؤ به فلا يستطيع أحد التحكم به خصوصًا فيما يتعلق بالأراضي داخل المدن وهي محدودة وتوسع المدن ليس الحل الوحيد لأن التمدد أنتج مشكلات مكلفة ونقص في توفير الخدمات والمرافق وكلما توسعت المدينة زادت مشكلاتها وصارت أقل قدرة على استيعاب مزيد من السكان.
هناك تحول استراتيجي وفق رؤية 2030 تنتهجه وزارة الإسكان التي تبنتها في سبيل تيسير السكن لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبين وتأكيدها على دور ذلك في تنظيم قطاع الإسكان وتحفيز الشراكة مع القطاع العام باعتبارها خيارًا استراتيجيًا مهمًا.
اتجهت وزارة الإسكان إلى تمكين الطلب على الإسكان إلى توفير أفضل سبل التمويل الميسر لمساعدة المواطن على التملك، وهي تحاول أيضًا إنشاء سوق ثانوية للتمويل العقاري.لجأت وزارة الإسكان إلى حلول العرض لزيادة ضخ المنتجات السكنية بالسوق وزيادة المعروض منها وتقليل أسعارها عبر رفع معامل الكثافة الإسكانية في المخططات بما ينعكس إيجابًا على خفض كلفة الوحدة السكنية وتسريع توفيرها، سواء على أراضي الوزارة أو أراضي القطاع الخاص، ودعم المطورين من خلال ضمان عملاء من مستحقي الدعم السكني، والاستفادة من الإسكان الشاغر وضخه للسوق.
أعلن المشرف العام على برنامج الشراكة مع القطاع الخاص في وزارة الإسكان أنه تم بناء نحو 50 ألف وحدة سكنية تمت ترسيتها على مطورين عقاريين مؤهلين في أغسطس 2017، فيما يتبقى نحو 60 ألف وحدة سيتم ترسيتها تباعًا، وهذا الإعلان تزامن مع إعلان الدفعة السابعة من برنامج سكني في الرياض في 15 أغسطس 2017 البالغة 28051 منتجًا سكنيًا في جميع مناطق المملكة منها 7700 تمويل مدعوم بالشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية و7807 أراضٍ دون مقابل مالي و12544 وحدة سكنية ضمن برنامج البيع على الخريطة (وافي) بالشراكة مع المطورين العقاريين.
وأعلن أيضا أنه تم عقد اتفاقيات شراكة مع 16 مطورًا عقاريًا على أراضي الوزارة وخمسة مطورين على أراضي القطاع الخاص، وتراوح الأسعار بين 250 و700 ألف ريال وذلك بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمستحقين للدعم السكني.
وصل عدد الوحدات عبر البيع على الخارطة إلى 110 آلاف وحدة سكنية، فيما سيتم تسليمها للمواطنين خلال ثلاثة أعوام كحد أقصى من تاريخ التخصيص، وبلغ حجم الإقبال عبر برنامج البيع على الخريطة حجز وتخصيص نحو 12800 وحدة سكنية التي انطلقت قبل شهر.
فيما لا يزال صندوق التنمية العقارية يواصل من خلال دفعات برنامج سكني تقليص قوائم الانتظار وتسريع الحصول على التمويل المدعوم بالشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية حيث قدم 54 ألف تمويل مدعوم، بمعدل شهري 7700 تمويل حيث تمتاز آلية التمويل بتقليص مدة الانتظار من 11 عامًا إلى خمسة أعوام كحد أقصى، أي تحقيق الدعم لستة مواطنين في مقابل مواطن واحد بالآلية السابقة.
لكن تشير الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء إلى أن الطلب على المساكن خلال الفترة من 2015 إلى 2019 في خطة التنمية العاشرة وصل إلى 1.46 مليون وحدة سكنية وهو ما يجعل وزارة الإسكان تستهدف خلال السنوات الخمس المقبلة توفير 1.5 مليون وحدة سكنية وهو لا يتوافق مع ما تنفذه الوزارة حتى الآن. بسبب أننا نجد أن البناء والتشييد يشكل السادس من بين النشاطات المؤثرة في إجمالي الناتج المحلي حيث يسبقه بالترتيب الخدمات الحكومية بنحو 14.7 في المائة والصناعات التحويلية وتكرير الزيت بنحو 12.7 في المائة، وثالثًا خدمات المال والتأمين والعقارات بنحو 6.4 في المائة، ورابعًا تجارة الجملة والتجزئة والفنادق بنحو 9.1 في المائة، وفي المرتبة الخامسة قطاع النقل والاتصالات بنحو 6 في المائة، بينما قطاع التشييد والبناء يأتي في المرتبة السادسة بنحو 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، فيما بلغ في الربع الأول من عام 2017 نحو 29.58 مليار ريال بنسبة 4.6 في المائة من إجمالي ناتج محلي بنحو 642.96 مليار ريال بالأسعار الحقيقية، أي سجل هبوطًا بنحو 3.2 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، بل انخفض الناتج المحلي الإجمالي للتشييد والبناء لعام 2016 البالغ 121.07 مليار ريال عن عام 2015 البالغ نحو 125.18 مليار ريال.
فرئيس هيئة المقاولين أسامة العفالق يعد أن معوقات قطاع المقاولين ينحصر في غياب الاستراتيجية والدخلاء ممن لا يملكون الخبرة وهو ما تسبب في معاناة القطاع من فوضى وجعله طاردًا خاصة مع عدم تحديد مسؤولية الأطراف، كما اعتبر أن الملاءة المالية لا تكفي للنجاح والعمل الجيد لتقدم الشركات وهو ما ظهر في الفترة الأخيرة بعد خروج عدد من الشركات من القطاع.
كما بلغ الائتمان المصرفي الممنوح لقطاع التشييد والبناء بنهاية الربع الثاني من عام 2017 نحو 102.45 مليار ريال ليسجل تراجعًا بلغ نحو 9.5 في المائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2016، ولم يسجل حجم الائتمان المصرفي الممنوح لقطاع التشييد والبناء سوى 7.3 في المائة من إجمالي حجم الائتمان المصرفي بنهاية الربع الثاني من 2017، أي أن مشاركة البناء والتشييد في الناتج المحلي محدود جدًا بسبب أيضًا أن قطاع المقاولات يعاني من عدة تحديات وفوضى كما ذكر ذلك رئيس هيئة المقاولين.