فهد بن جليد
البناء الجماعي للمساكن لم يكن يوماً من الثقافة السعودية, إلا ما ندر في المجمعات التجارية أو المشاريع الإسكانية، أمَّا على مستوى الأفراد فالمسألة خاصة وشخصية لكل مواطن، ولعل هذا برأيي أحد أهم الأسباب التي جعلت القبول والرضاء ببرامج وزارة الإسكان الجماعية أقل عند المواطن، الذي يفضل الحصول على المال وبناء السكن بنفسه ووفق حاجاته ورغباته, وبشكل مُختلف عن الآخرين.
هناك أصوات عديدة تنادي وتطالب بتغيير هذه الثقافة لأسباب اقتصادية بحتة، وأخرى تتعلق بأمن المساكن وسلامة المباني، كون المواطن لا يملك الخبرة والدراية الكافية والإمكانات الفنية للبناء والتشييد، وهو ما يجعله يلجأ غالباً إلى مقاول لا يملك الخبرة ويعتمد على العمالة السائبة، أو يقوم بالاجتهاد الشخصي والاعتماد على تجارب وإشراف الأقارب أو الأصدقاء، مما ينتج لنا مباني مُتهالكة ورديئة -رغم عمرها الحديث- مما تسبب بخسائر مادية ونفسية.
الحلول المطروحة اختصاراً للجهد والوقت ولضمان التنفيذ هو شراء المباني الجاهزة والمطوَّرة على الخريطة من قِبل مطوِّرين مؤهلين، هذا حل يفيد شريحة كبيرة من المجتمع، رغم أنَّ ملاحظات البيوت الجاهزة أكثر من ملاحظات البناء الشخصي، لأسباب تجارية تتعلق بمحاولة التاجر الاعتماد على المواد الأقل سعراً في بناء الأساسيات، والتضليل بالتشطيبات المُبهرة للعين التي تحقق التسويق، وبعد فترة من شراء المنزل تظهر العيوب والأعطال، ولربما أضطر الساكن إلى التكسير والهدم والتغيير من أجل إصلاح المواسير والتمديدات الكهربائية، أو إخفاء التصدعات في الجدران إلخ، مما جعل تجربة الشراء الجاهز للمنازل غير مرحب بها في الثقافة السعودية إلا عن طريق تمويل البنوك غالباً، وهو ما يُصعِّب من مهمة الثقة والاقتناع بالدور الذي سيلعبه المطوِّرون في تقديم مبانٍ أرخص سعراً وكلفة، وذات عمر معماري أطول، هذا الدور يجب أن تلعبه وزارة الإسكان إمَّا بخلق الثقة في هذه المنتجات، أو على الأقل الرفع من ثقافة المواطن بخضوعه لدورات تدريبية في البناء والإنشاء قبل البدء أو حتى التعاقد مع مكاتب هندسية للإشراف أكثر من التوقيع على مجرد كراس صوري.
بناء المسكن لدى الشريحة الكبرى من المجتمع حلم يتحقق في العمر مرة واحدة فقط، ونحن عادة نتفاجأ بتحقيق أحلامنا دون تخطيط بعيد المدى (الزواج، الوظيفة، بناء المسكن، شراء أرض، شراء سيارة)، وهو ما يجعل الأمل يحدونا لحلول وزارة الإسكان الجماعية، ليقبَل بها، ويُقبِل عليها المواطن، ولو على طريقة (موت مع الجماعة رحمة).
وعلى دروب الخير نلتقي