«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
نعم الله على المسلمين لايمكن حصرها فالذي أتيح له مشاهدة الأفلام الوثائقية القديمة والصور التاريخية التي التقطت عن مواسم الحج في الماضي وكيف كانت معاناة الحجاج والمشقة الكبيرة التي تواجههم من بعد المسافة والسفر لعدة أسابيع عبر الطرق البرية ممتطين قوافل الجمال ويشاهد هذه الأيام ما يقدمه الوطن كل الوطن من خدمات وتسهيلات لضيوف الرحمن من الداخل والخارج فلا بد أنه يكتشف الفرق الكبير، ولا شك أن الثواب والأجر على قدر المشقة، فكان حجاج الماضي بما كانوا يعانونه من مشاق أكثر ثواباً، وكانوا يتوجهون إلى المملكة بلا طائرات وبلا سفن مريحة أو سيارات وقطارات مكيفة، كانت أقدامهم وأجسادهم هي التي تنقلهم كما هو معروف على قوافل الجمال والبغال وحتى الحمير والدواب والتي كانت هي وسائل المواصلات لأداء الفريضة، ولم يكن في مزدلفة أو عرفات مخيمات ومياه باردة ومكيفة أو مياه صحية أو غازية أو أطعمة متنوعة ومتوفرة بصورة لم يكن يتصورها الحاج في الماضي أن يشاهدها في حلم يقظته. لم يكن يحلم الحاج حتى الأثرياء منهم أن تكون مخيماتهم أو أجنحتهم في الفنادق المطلة على الحرم أو الموجودة في المشاعر بهذه الفخامة والجمال والرفاهية، لم يكن الحاج الذي ودعه أهله في مدينته أو قريته في أقصى بلاد المسلمين أنه سوف يحظى بما يحظى به الحاج اليوم من رعاية وعناية وخدمات راقية. كان الحاج في الماضي يكتب وصيته وهو باكياً من فرط سعادته وفرحه أنه سوف يؤدي الفريضة وربما دفن في الأراضي المقدسة، فكانت وصيته شبه الوداعية والتي لا تخلو من الدموع والنشيج وبكاء أهله وبنيه فربما هي آخر لحظات المشاهدة والوداع. ورغم أن الحج في الماضي كانت أيضاً فيه خدمات متنوعة لخدمة الحجاج. إلا أن الظروف تغيرت وتطورت، والحرمان الشريفان تنامت واتسعت وازدهرت، وقيادة الوطن لم تبخل أبداً في ضخ مليارات الريالات في مختلف المجالات من أجل عيون ضيوف الرحمن.. بل أن القيادة تكرر دائماً ومن خلال مختلف اللجان العليا التي تقوم ليل نهار على خدمة هؤلاء الضيوف الكرام لينعموا بالأمن والاستقرار وحتى الراحة وهم يؤدون شعائر الحج والفريضة بصورة متكاملة ومثالية. لم يكن في الماضي ما يشاهده الحاج اليوم من تقنية متنوعة سخرتها المملكة لخدمة ضيوف الرحمن وجميعهم يعاملون معاملة واحدة ومتساوية، فالخدمات الطبية والصحية والعلاجية تقدم للمرضى من الحجاج بيسر وسهولة منذ لحظة دخوله لمنافالمملكة البرية والجوية وحتى البحرية. وخلال اجتماع مجلس الوزراء الموقر برئاسة ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أوضح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن ولي العهد اطمأن على اكتمال الاستعدادات والخدمات التي تقدمها بتوجيهات ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - مختلف القطاعات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بخدمة حجاج بيت الله الحرام لضيوف الرحمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعبر مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنذ لحظة قدومهم وحتى مغادرتهم بمشيئة الله تعالى بعد أداء مناسك الحج، مؤكداً سموه الحرص الدائم للمملكة العربية السعودية على توفير كل أسباب الراحة لحجاج بيت الله الحرام، وأنها لن تدخر جهداً في بذل الغالي والنفيس من أجل هذا الشرف الذي خصها الله به وهو خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
وهذا هو شأن الوطن وقيادته منذ عهد المؤسس طيب الله ثراه اهتمام ومتابعة. واليوم ومع التطور والازدهار الذي ينعم به الوطن سخرت المملكة كل طاقاتها وقدراتها من أجل خدمة ضيوف الرحمن في كل مكان.. فأهلاً ومرحباً بضيوف الرحمن في بلادهم وبين أخوتهم وأهلهم. فهم قبل وبعد في بيتهم الكبير. وطن الإسلام والسلام وبيت الله الحرام.