فهد بن أحمد الصالح
يدار الكثير من المفاصل الرئيسية في العديد من دول العالم عبر مؤسسات المجتمع المدني، ولها نتائج تفوق نتائج إدارة القطاع العام والخاص في مثل تلك الأنشطة والمهام والواجبات لدى غيرهم، وتعتمد تلك الدول على مؤسسات النفع العام في تحقيق ناتج محلي مرتفع وتساهم في القضاء على البطالة، وتساهم في بقاء الصحة والعافية والنشاط البدني في مستويات مرضية للعامة ولكبار السن خاصة، وتعزز التوظيف المنتج للقدرات واستغلال الخبرات وبناء الشخصيات التي تؤمن بحق الآخر ووجوب نفعه وخدمته، وهو ما يسمّى اليوم بثقافة المسؤولية الاجتماعية، وتدعم الدول المتقدمة أنشطة التطوع بل وتجعلها منهج حياة ومتطلباً لتجاوز مراحل دراسية معينة، وقد تعتبره عقاباً بديلاً في بعض الأخطاء أو التجاوزات، وتجاوزت مؤسسات المجتمع المدني لتلك الدول مئات الآلاف في الدولة الواحدة، ونحن لم نتجاوز ألف مؤسسة في العموم، وواقع المقال يلزمنا بالتركيز على المؤسسات الرياضية الأهلية والتعاونية في وطننا الكبير المحتاج لها:
- المؤسسات الأهلية: ونقصد بذلك الجمعيات الخيرية الرياضية التي للأسف الشديد، لا يوجد منها إلا جمعية واحدة وخصصت لقدامى كرة القدم وعلى مستوى الرياض فقط، وتجاوز عمرها قرابة السنوات الثلاث دون أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد عطاءات نذكرها لها ونشكرها عليها، بل إن هذه الجمعية لم تواكب التغير الإيجابي لثقافة الوزارة المعنية بأمرها والتي حولت ثقافتها من الرعوية إلى التنموية، وطالب العديد من المعنيين والمهتمين بالوسط الرياضي والكتّاب الاجتماعيين والرياضيين بتغيير استراتيجيتها والوضع لا يزال كما كان، وطرح للتغيير العديد من الأفكار لرفع قيمة الرياضي المعتزل أو المصاب أو الذي لديه ظروف مالية والتزامات تعاقدية وغيرها، وعدم إجباره على الاستجداء بعد أن كانت الأيدي تصفق له والأصوات تشجعه، عندما كان رمزاً وطنياً يقف له المهتمون بالرياضة احتراماً وتقديراً، ومما قدم أن تتحول الجمعية لمصنع يعاد تدوير الخبرات فيه كالتدريب والتحليل الرياضي والتعليق وإدارة الكرة وعقود اللاعبين واكتشاف المواهب، كذلك عدم اقتصار هذه الجمعية على قدامى كرة القدم بل أن تشمل كل الألعاب وليس على مستوى الرياض بل تغطي جميع مناطق المملكة والبدء بالمناطق الرئيسية، مع ضرورة وضع لائحة مدروسة ومهنية للتوسع وفتح الفروع.
- المؤسسات التعاونية: والمقصود الجمعيات التعاونية التي تختلف اختلافاً كلياً عن الجمعيات الخيرية، فالأولى تهدف للربح وتدار كما تدار الشركات ولها مجلس إدارة وجمعية عمومية، وأسهم ذات قيمة مالية يمكن تداولها بين الأعضاء أو خارجهم، ولها قوائم مالية وحساب أرباح وخسائر ومحاسب قانوني، ويقرر ما نسبته 10 في المئة من الأرباح يصرف على أنشطة خيرية واجتماعية وإنسانية و20 في المئة أرباح موزعة و20 في المئة مكافأة لمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، والباقي يعود لتعظيم رأس المال حسب عدد الأسهم.
إن على الهيئة العامة للرياضة دوراً مهماً من واقع مسؤوليتها المجتمعية، وعليها المضي في توقيع اتفاقية مساندة مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والالتفات لهذا النوع من مؤسسات النفع العام وإقامة ورش عمل يعلن عنها ويدعى كل المهتمين في الوسط الرياضي، والدفع بالمنافسة في إنشاء تلك الجمعيات على مستوى المملكة وتعميمها لكل الأنشطة، وبالإمكان رسم سياسة دقيقة للأنشطة والبرامج التي نحتاجها في الانطلاقة الأولى ومن ثم تلحق بقية الأنشطة بالركب.