سعد بن عبدالقادر القويعي
..بعد أن دار جدل كبير واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، حول تغريدة أطلقها أحد من يتسمى بلفظ «الداعية»، حرم فيها الدعاء بالرحمة على - الفنان الكويتي الراحل - عبدالحسين عبدالرضا، فإن وظيفة علماء الأمة أن يشددوا بقوة على مجابهة دعاة التكفير، ومن ذلك أن غردت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء عبر حسابها الرسمي بـ «توتير»، بأنه: «إذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات، فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات»، وشددت على أن: «مردّ التكفير إلى الله، ورسوله»؛ مما يعني: أنه لا يجوز تكفير إلا من دلّ الكتاب، والسنة على كفره دلالة واضحة، ولا تكفي في ذلك الشبهة، والظن، وأضافت أن: «الحكم على مسلم بالردة مرتبط بتحقق شروط، وانتفاء موانع، ولا يلي ذلك إلا أهل الفتوى، والقضاء».
التكفير لا يقال فيه بالرأي، والهوى، والتشهي، إنما مرده إلى الله، ورسوله. بل إن التسرع في التكفير له خطره العظيم؛ نظراً لما يترتب على ذلك من مفاسد كبيرة في الدِّين، والدنيا - معا - داخل المجتمع المسلم.
كما أنه يعد خطراً عظيماً على قائله، وإثماً جسيماً في حقه، وجرأة قبيحة في الدين؛ ولأن التكفير مسألة خطيرة، وأمر عظيم لا يجوز للمسلم أن يطلقه على أخيه المسلم إلا ببينة واضحة، ودليل قطعي لا شبهة فيها، ولا تأويل، - إضافة - إلى أن مرد هذه المسألة يكون إلى فهم الراسخين من أهل العلم لكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبفهم سلفنا الصالح، مع قدرتهم العالية في الجمع بين الأدلة الشرعية، ومراعاة أحوال الشخص المراد إقامة الحجة عليه، ومن ذلك: دلالة الكتاب، أو السنة على أن هذا القول، أو الفعل موجب للكفر، أو الفسق، وانطباق هذا الحكم على القائل المعين، أو الفاعل المعين، بحيث تتم شروط التكفير، أو التفسيق في حقه، وتنتفي الموانع؛ - ولذا - قال - شيخ الإسلام - ابن تيمية - رحمه الله -: «وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين، وإن أخطأ، وغلط؛ حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة.
ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة».
إن الاقتداء بما جاء عن سلف هذه الأمة من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان، والقيام بمسؤولية الدعوة، وشعيرة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وفق المنهج الوسطي، بعيداً عن ادعاءات أصحاب الفكر المنحرف، وأهل الغلو، هو الوسط في الدين، والشريعة، وما عدا الوسط فالأطراف داخلة تحت الخطر ممن يكفـرون بغير دليل صحيح، ولا يراعون الشروط، والموانع، وإن أظهروا غيرة مزعومة على الدين.