أ.د. يوسف بن أحمد الرميح
القدوة هي عبارة عن ذلكم الشخص والمثال الأعلى الذي يُقتدى به والنموذج المثالي في تصرّفاته وأفعاله وسلوكه، بحيث يُطابق قوله عمله ويُصدّقه، ويكون القدوة بالنسبة لأتباعه مثالاً سامياً وراقياً، فيعملون على تقليده وتطبيق نهجه والحذو حذوه، وينبع تقليدهم إياه من الإرادة والقناعة الشخصيّة للمقتدي، لا بالضغط الخارجي أو الإلزام من جهة القدوة بذلك، والهدف من اتباع القدوة الرقي لأعلى مستوى من الأخلاق والتعامل والعلم والأخلاق.وبلادنا حفظها الله وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، تحاول جاهدة الدفع بالمواطن السعودي للمبادرات الخيرة والتي تنفع المجتمع والوطن، حيث يعتبر النشاط الخيري والتطوعي مساراً مهماً لقياس نمو وتطور أي مجتمع من المجتمعات..
وعندما يذكر رمز من الرموز فهو يذكر للعلم وللقدوة للآخرين كي يحتذى به.
ومقالي هذا عن قدوة ورمز من رموز هذا المجتمع الطيب المبارك والذي عرف حق وطنه وولاة أمره وأهله وأبناء مجتمعه فجرى حب الخير والعطاء والبذل أسرع مما يجري الدم في عروقه فهو معالي الشيخ عبد الله بن علي النعيم - حفظه الله وأدام عليه لباس الصحة والعافية - فالشيخ عبد الله العلي النعيم لم يعرف عنه قطعاً أنه من أرباب التجارة والمال، ولكن عرف عنه حب الخير والعمل التطوعي والخيري. فللشيخ عبد الله النعيم عدد من المبادرات الخيرة هذا طبعا غير الأعمال الرسمية التي أنيطت به وقام بها خير قيام منذ أن عمل أميناً لجامعة الملك سعود لعمله في الملحقية التعليمية في لندن للإدارة شركة الغاز والتصنيع الأهلية بالرياض، لينتقل بعدها لأمانة مدينة الرياض العاصمة الحبيبة لبلادنا أدام الله عليها العزة والمنعة، والتي يتغنى بحبها معالي الشيخ عبد الله النعيم كل صباح ومساء، وبعد تقاعده من العمل الرسمي اتجه للعمل التطوعي الخيري بكل جهده وقوته وفكره وتخطيطه ليرسم للأجيال أن العمل الخيري والتطوعي لا تحده حدود ولا تمنعه قيود، وليعلم الأجيال أن التقاعد ما هو إلا مرحلة لتركيز العمل والانطلاق نحو المستقبل بكل ثقة وكل تفاؤل.
وهنا ركز معالي الشيخ عبد الله العلي النعيم على العمل التطوعي المؤسسي فمن تأسيس مركز الملك سلمان الاجتماعي بالرياض والذي يعد بحق نقطة مضيئة وشعلة في سماء العمل الخيري التطوعي في وطننا الغالي، للجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة التي تقف شامخة تعلم الأجيال بأن حق الأستاذ على طلابه كبير وعظيم، فلقد بادر معالي الشيخ ومعه عدد من طلاب المعلم والمربي الفاضل المرحوم الشيخ صالح بن صالح لتأسيس مؤسسة نادرة المثيل لتبقي اسم معلمهم حاضراً تعرفه الأجيال من شباب الوطن.
وها هو معالي الشيخ عبد الله النعيم يخطو خطوة أخرى في هذا المجال التطوعي والخيري وهو تأسيس صرح عملاق ورائد توأم لمركز صالح بن صالح وهو مركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل الاجتماعي بعنيزة خاص بالمرأة بكل خصوصية محتوياً على عدد من الأقسام المهمة والحيوية مثل الإرشاد الأسري والضيافة والمكتبة والتدريب وغيرها.
ومما لا شك فيه أن الناس في مجتمعنا الطيب والمبارك تبحث عن مبادرات رائعة وراقية لتدعمها ماديا ومعنويا ومعالي الشيخ عبد الله النعيم - حفظه الله - بادر وخطط ونفذ ومن ثم دعمه الكثير من أبناء المجتمع لكن المهم المبادرة كانت لمعالي الشيخ عبد الله وفكره الراقي والنير والإبداعي. فكم من فكرة رائدة ورائعة انتظرت طويلا لمبادر مثل مبادرات الشيخ عبد الله النعيم ليجعلها واقعا بعد ما كانت أمنية.
وعند مطالعة بسيطة لسيرة العلم عبد الله النعيم نلاحظ وبوضوح تأصل فكر التطوع وعمل الخير والذي أعطاه لأولاده لأنهم ببساطة تربوا ومنذ نعومة أظفارهم على مشاهدة العمل الخيري يتمثل شاخصاً يمثل طموحاً وهدفاً لوالدهم أبو علي. وكذلك من والدتهم الحنون أم علي السيدة الفاضلة حصة الصالح الراجحي حفظها الله وأمدها بالصحة والعافية فقد كانت نعم العون والنصير والملهم لشيخنا الفاضل وأسرته الكريمة.
فهذه ابنة معالي الشيخ عبد الله الأستاذة الجامعية والمؤرخة المعروفة البروفيسورة نورة قامت مؤخرا مع كريمتيها لمياء ونجلاء ببناء مدرسة متوسطة في أحد أحياء عنيزة لتحمل اسم زوجها ووالد ابنتيها الراحل الأستاذ صالح العبد الله النعيم - رحمه الله - لتخلد ذكراه، ولتكون بإذن الله علماً ينتفع به إلى قيام الساعة، وكذلك لتكون نبراساً للآخرين وقدوةً لهم بأن العمل الخيري لا تحده حدود وليس مرتبطا بالدعم الحكومي فقط.
وهذه ابنته الأستاذة الدكتورة لولوة وهي البروفيسور في طب النساء والولادة ومن أمهر الطبيبات السعوديات، ولم يعرف عنها الثراء غير راتب العمل الذي تتقاضاه من عرق جبينها وتعبها وسهرها لمعالجة مريضة أو سقيمة، هاهي الدكتورة لولوة تبني مدرسة باسمها في حي شعبي في مسقط رأسها عنيزة ليعطى بعد تشييده لإدارة التربية والتعليم، ولو رغبت لبنت مدرسة خاصة أهلية للتعليم المدفوع، ولكن وراثة الطيبة والبذل وإنكار الذات ورثته من والدها الشيخ ووالدتها.
فأسست مدرسة حكومية كلفتها أكثر من مليون ونصف المليون جمعته من راتبها ريالا ريالا.
ثم مؤخراً ها هي الدكتورة لولوة وبدافع الوراثة التي فرضت عليها العطاء والبذل والإيثار قامت مؤخرا ببناء مستوصف في حي شعبي، كذلك في مسقط رأسها عنيزة وأعطي لوزارة الصحة كي يخدم سكان الحي. وهو يعمل حاليا بعدما تم استلامه بطريقة رسمية من وزارة الصحة. وهذا يؤكد نظرية الوراثة في الطيب والكرم والبذل والإيثار لدى هذه الأسرة الكريمة.
ويتكرر المشهد المثالي مرة تلو مرة لأن تقوم منال ابنة معالي الشيخ الصغرى بتأسيس لروضة أطفال بمحافظتها الوادعة عنيزة لتخدم جمهور أهلها. هذه الروضة كلفتها أكثر من مليوني ريال.
عندما ننظر لهذا المشهد المثالي، ولتلك الروعة المتناهية في البذل والعطاء وإنكار الذات في سبيل إسعاد الآخرين نعرف تماما قدر قيمة الإنسان المعطي الباذل والعامل للخير والدال عليه.
كذلك نلاحظ ملاحظة مهمة، وهي أن جميع مشاريع معالي الشيخ عبد الله النعيم وأولاده كلها تندرج بما يسمى اليوم «بالتنمية البشرية» والتي من أهم مرتكزاتها التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والثقافية، وهذا ما تدور حوله جميع المشاريع التنموية الخيرية والتي قام ويقوم بها معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته وأولاده.
ولا شك في أن عنيزة الفيحاء والتي جاءت غالبية مشاريع معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته الكريمة الخيرية فيها، حيث إنها مسقط رأسه ومن المعلوم أن معالي الشيخ وأسرته يكنون لعنيزة كماً هائلاً لا ينضب من الحب والتقدير وبنفس الوقت فعنيزة وأهلها يكنون لمعالي الشيخ عبد الله العلي النعيم وأسرته الكريمة حباً متبادلاً وعرفاناً بالجميل وتقديراً لجهود معالي الشيخ عبد الله التي زرعها بينهم، فلا يكاد يخلو مجلس من مجالس عنيزة يذكر فيه العمل الخيري، لا تسمع فيه ذكر لمناقب الشيخ عبد الله النعيم وأسرته الكريمة الخيرية.
وإنما كتبت هذا المقال لتتعلم الأجيال فضل أهل الفضل وإحسان أهل الإحسان، وأن أهل الخير كثير ولله الحمد والمنة، وهم فعلاً القدوات الصالحة التي يجب أن يقتدى بهم في هذا المعترك الكبير في الحياة المعاصرة، فكم فعلاً نحتاج من عبد الله النعيم وكم نحتاج من د. نورة النعيم، وكم نحتاج من د. لولوة النعيم لإقامة مشاريع تنموية تنفع الجميع فليست إقامة تلك المشاريع من مدارس ومراكز صحية وجمعيات خيرية تقع حصراً على الجهات الحكومية لإقامتها وهذا فكر ناقص وقاصر.. وهنا يعلمنا فكر معالي الشيخ عبد الله العلي النعيم وأسرته بأن المواطن السعودي هو بلا أدنى شك شريك أساس للحكومة في مشاريع التنمية المشتركة إقامةً وإدارة واستفادة وتعامل.
فما أحوجنا اليوم فعلاً للعشرات من عبد الله النعيم وفكره وقيمه وعطائه ومبادراته.
ولابد من اليقين أنه لم يكن لهذه القدوات أن تكتمل لولا توفيق الله سبحانه وتعالى لهم أولاً، ثم بالدعم والمؤازرة والتشجيع الذي وجده معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته كلها من قيادة هذه البلاد المباركة التي تشجع وتدعم وتؤازر أهل الخير والإحسان والبذل والعطاء من قبل سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله - اللذين همهما الأول المواطن السعودي أينما وجد بصحته وتعليمه وأمنه ورغد عيشه ورفاهيته، واللذين هما المثل الأعلى للمواطن في العطاء والبذل والإحسان.
وكما ورد في الحديث الشريف أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فمن هذا المنطلق نقول لمعالي الشيخ عبد الله العلي النعيم والسيدة الفاضلة أم علي، حصة الصالح الراجحي ولأسرته خاصة الأستاذة الدكتورة نورة والأستاذة الدكتورة لولوة والأستاذة منال وجميع أسرته شكراً ودمتم باذلين نافعين لمجتمعكم ووطنكم، ونقول للشيخ أبو علي أحسنت وكثر الله خيرك وما قصرت.