مها محمد الشريف
من روائع تاريخ بلادنا أن أرشيف إنجازها الإنساني زاخر بالخير والعطاء، ويكفي لأي مهتم أن يراجع المخزون الإعلامي فقط سيرى رحلةً لها بداية وليس لها نهاية من الخير للمسلمين في كل مكان. وفي هذا المقال الموسمي المتزامن مع توافد ضيوف الرحمن لهذا العام سأعود بالقارئ الكريم إلى مقال نشر في موسم حج عام 1434هـ تكلمت فيه عن تفرد وتميز قوة الدولة السعودية وعبقرية بلادنا التنظيمية للحج والحجاج، وقيامها بكامل مسؤوليتها العظيمة بتوفير كافة سبل الراحة الممكنة لضيوف الرحمن... هكذا ولدنا حولنا هالة من النور - نور الإسلام ونور بلاد الحرمين الشريفين وأعمال بلادنا الخيّرة والواعية - مؤثرة ومندمجة، محافظة على الثقافات والأهداف والأفكار المثالية.
كنا وما زلنا في قلب التاريخ وروحه، حياة مكللة بالازدهار ترتفع مع وتيرة السنين والتطور الاقتصادي والاجتماعي وتتنوع مصادر هذا البلد المعطاء تبعاً للزمان والمكان. نقول على هذا النحو وجدنا أن لدينا كماً هائلاً من الأحداث، أعظمها الحج واستضافة ضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم، وهذا الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي يجدد هوية الثقافة ويثريها ويفتح أبواباً جديدة، منها ما يكون أمام خصوصيات ومقدسات دينية، ومنها ما تكون تاريخية عميقة تنصهر فيها كل الحضارات، مما زاد الإيمان بأن الخصوصية الثقافية ليست عائقاً أمام تحقيق ثقافة عالمية.
وأكثر من أي وقت مضى تكللت جهود العالم بتطبيق التقنيات، واستحالة عزل الإنسان عن العالم وعن الظروف المكانية والزمانية، وسأنقل لكم ما كتبته عن حج العام 1434هـ فقد كان دليلاً ناجحاً بكل المقاييس تجلت هنا تقنية نظم المعلومات الجغرافية والتي تم فيه تركيب 4000 كاميرا تغطي المشاعر والحرم وربطت بين القيادة والسيطرة، ونظمت أيضاً سير العربات، لكي تتيح المجال إلى رحلات القطار، وتسهيل الحركة مما جعل أغلب الشوارع تتهيأ للمشاة، ثم قامت بترقيم الشوارع في منى بدلاً من الأسماء ليسهل الوصول إليها عبر الكاميرات والأفراد، لقد ساهمت جميع الجهود على مختلف قطاعاتها في إنجاح حج هذا العام، ومتابعة سمو وزير الداخلية شخصياً لكل المستجدات، إن قدرة القرار وتطبيق الأنظمة، أتاح للجميع الإشادة بالعقول المخططة نحو غاية واحدة وهدف واحد، رعاية حجاج بيت الله الحرام وخدمتهم.
إن من أسباب النجاح العمل الدؤوب الذي يحث على استخلاص الاختيار الأفضل وتأسيس خطط جديدة. كخطة هذا الحج تماماً التي رسمت أبعاد نجاحها قبل موسمها وقبل أوانها، لما لها من قانونية ونظام. وتجدر الإشارة هنا إلى استخراج التصاريح ليبقى السعي للحج وفق الأنظمة والشروط.
لهذا ساعدت أعمال توسعة المطاف على تخفيض أعداد حجاج الداخل والخارج، وساهمت في التنظيم الجيد المؤدي إلى نجاح حج هذا العام. وحري بنا أن نشيد بهذا الجهود المتمثلة في رجال الأمن وكافة القطاعات، التي حملت على عاتقها خدمة حجاج هذا البلد الحرام والقيام بواجبها على أكمل وجه.
إن الإشادة بما حققه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل من إنجازات كبيرة في منطقتي عسير ومنطقة مكة المكرمة لمن الإنصاف الحديث عنه، وعن البصمة الواضحة التي تجلت في عهده لا تخفى على أحد، في مدينة جدة ومكة المكرمة ومدينة الطائف بما فيها القفزة الحضارية التي أشرقت على أنحائها.
وتجسد أثرها في نجاح حج عالم 1434هـ، فالإنسان مشروع بحد ذاته، وحضارة تنظم كل الطبقات، ولا شك أننا لمسنا جهود أمير منطقة مكة المكرمة، والدور الرائد الذي يؤديه لدعم كافة الأنشطة الثقافية، والمحافظة على الإرث التاريخي العظيم المتجسد في سوق عكاظ الذي يعد فناراً يستقطب بنوره كل المثقفين، لذا وجدنا على أرض الواقع أفعالاً وليست أقولاً تشحذ همم النهضة التي تعيشها مملكتنا الغالية. ويجدر القول هنا إنه بحق رجل العام لما له من صنائع وإنجازات تستحق الإشادة والثناء.