د. أحمد الفراج
يكثر الحديث حالياً عن إمكانية عزل الرئيس ترمب، ومن يثير هذا الموضوع، بشكل سطحي وبائس، هي خلايا عزمي بشارة القطرية، وتحديداً إخوان المملكة والكويت، وبقايا فلول القومجية المتحالفة معها، ولئن كان أعلام اليسار الأمريكي، المنحاز ضد ترمب، يثير هذه المسألة بعض الأحيان، فإنه يفعل ذلك بطريقة مهنية، لا تستغفل المتلقي، عكس خلايا قطر، التي تتحدث عن عزل رئيس أقوى دولة في العالم، انتخبه أكثر من 62 مليون مواطن أمريكي، وكأنه أمر يسير، يحدث في جمهورية موز متخلفة، ولا غرابة في ذلك، فحاكم قطر وخلاياه يحلمون بعزل ترمب، لأنه أعاد التحالف التاريخي مع المملكة من جهة، ولأنه عازم على القضاء على التطرف والإرهاب، من جهة أخرى، وهذان الأمران يزعجان حكام قطر، الذين ظلوا زمناً طويلاً يدعمون التطرف والإرهاب بكل أشكاله.
على حكام قطر وخلاياهم أن يدركوا أن عزل الرئيس الأمريكي أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، وله اشتراطات صعبة للغاية، مثل أن يرتكب الرئيس جرائم الخيانة الوطنية، والرشوة، والتزوير والكذب، والتي تعتبر أبرز موجبات بدء إجراءات عزل الرئيس، وغني عن القول إنه، وخلال التاريخ الأمريكي الطويل، الذي تجاوز القرنين، لم يتم عزل أي رئيس أمريكي! ولكن إجراءات العزل حدثت لثلاثة فقط من الرؤساء الأمريكيين، استقال أحدهم، ونجا اثنان في نهاية المطاف! والرئيسان اللذان تم اتهامهما، ومحاكمتهما هما، الرئيس اندرو جانسون، في عام 1868، فقد بدأت إجراءات عزله بتصويت مجلس النواب على اتهامه رسمياً، ثم تمت محاكمته في مجلس الشيوخ، ولكنه نجا، إذ لم يحصل مشروع التصويت على العزل على أغلبية الثلثين المطلوبة!
وبعد أكثر من قرن، نجا الرئيس الشهير، بيل كلينتون، من العزل، فبعد أن صوَّت مجلس النواب على اتهامه في قضية مونيكا لوينسكي بالتزوير والكذب، ومحاولة تعطيل سير العدالة، وذلك في عام 1998، تمت محاكمته بمجلس الشيوخ، ثم تم التصويت على عزله، لكنه نجا، حيث لم تصل النتيجة لأغلبية الثلثين المطلوبة، ولاحظ هنا أنه بعد أن يصوت مجلس النواب على بدء إجراءات عزل الرئيس، تتم محاكمته في مجلس الشيوخ، ثم يصوت المجلس على عزله، وهنا لا يكفي تصويت المجلس بالأغلبية، بل يجب أن يصوت بأغلبية الثلثين، والحصول على تصويت الثلثين أمر في غاية الصعوبة، مع وجود المناكفات الحزبية، وعدم حرص المؤسسة السياسية على عزل الرئيس، الذي يؤثِّر سلباً على سمعة البلاد عالمياً، وخلال تاريخ أمريكا، استقال رئيس واحد، قبل أن تبدأ إجراءات عزله، وهو الرئيس نيكسون، الذي ارتكب جريمة كاملة الأركان. وعوداً على الرئيس ترمب، فلم يثبت ضده أي شيء حتى الآن، رغم مرور أكثر من نصف العام على اتهامه بالتعاون مع روسيا، وما زال خصومه يدورون في حلقة مفرغة، ولكنها أحلام اليسار الأمريكي وحكام قطر، ووراءهم خلايا عزمي بشارة!