رجاء العتيبي
في حكايا مسك ترى مساحة كبيرة تضم بشراً من كل لون وشكل ومكان، يتمايزون في أشياء كثيرة ولكن الشغف وحده يجمعهم، انتشروا في المكان يبتغون من فضل الله، هناك من يريد أن يصبح كاتباً، ومنهم من يريد أن يصبح مصمماً في الصور المتحركة، والبعض يريد أن يكون تشكيلياً، وآخرون يريدون أن يدخلوا مجال الإنتاج والأفلام، مكان يمارس فيه المجتمع صناعة المحتوى بقوالب ترفيهية وتفاعلية قلما تجده في فعالية أخرى.
يمكن أن ترى فعالية (حكايا مسك) التي اختتمت أنشطتها الأسبوع الماضي من زاوية أخرى، يمكن أن تراها نموذجاً لمجتمع صغير متفائل، مثابر، الكل فيه يعمل، الكل لديه طموح، هناك من يتعلم، هناك من يعلم، هناك من يعرض إنتاجه، هناك من يشتري هذا المنتج. هناك من يبدع، وهناك من يقف إعجاباً بهذا الإبداع.
وعندما تراقب الناس في حكايا مسك بوصفه مجتمعاً صغيراً ناشئاً مليئاً بالطموح والحب والسلام والعمل والإنجاز، تتأكد أن مجتمعنا الكبير مليء بهؤلاء البشر الذين يحبون الحياة ويمارسون الثقافة والفنون والجمال دون تأنيب ضمير طالما أنها في حدود المباح، فلا ضير أن يكونوا كذلك فليسوا إلا بشراً كغيرهم، تأسرهم الدهشة ويحركهم الشغف ويحدوهم الأمل.
عندما يغرق الفرد في الحزب أو الاتجاهات الفكرية المؤدلجة فاكتب عليه السلام، لأنه سيعيش ويموت من أجل (الجماعة) حياته ونسكه ومحياه مسخرة لها، وليس من أجل الله، فيها تموت كل معاني الشغف، وتبقى الحياة من دون الأدلجة أكثر جمالاً ووحدانية.
تجول في مخيلتك هذه المعاني، وتتذكر حرب (التصنيفات) التي أرهقتنا زمناً، لكن مجتمع حكايا مسك المتفائل يبدد هذه المعاني ويجعلك أكثر تفاؤلاً، لا مجتمعاً مخطوفاً، ولا مجتمعاً متناحراً، ولا مجتمعاً متكلساً، إنما أناس تنتقل من الأقسام الأربعة: فن الرسم، فن التحريك، فن الإنتاج، فن الكتابة، بحيوية ونشاط ودافعية ليعطينا في النهاية (ثروة بشرية) منافسة.
المبادرات الوطنية هي التي تنقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة، وهي التي تجعلنا نؤثر في العالم كمبدعين تقف لنا القارات احتراماً، فوطننا قارة فيها تنوع ثقافي قادر على إحداث نقلة نوعية في كل ركن من الكرة الأرضية، نفعل ذلك عندما تصنع أجايلنا الجديدة (محتوى) إبداعياً كما نراه يتجلى في مجتمع (حكايا مسك).
إنه التميز يظهر بكامل صوره عندما تهيئ له البيئة المناسبة، يتجلى ذلك في مسك الخيرية عندما أنتجت فعالية حكايا مسك وأسست من خلالها بيئة منتجة للإبداع كل فرد فيها يحب الآخر ويقدره ويحترمه ويتنافس معه من منهم يحدث الدهشة أكبر.