ثامر بن فهد السعيد
شهدنا في الآونة الأخيرة علو صوت الادخار واهتماما به من شرائح مختلفة في المملكة أسرا وأفرادا، وهذه ظاهرة صحية بكل تأكيد حتى وإن كان الصوت وحده ما يصل حتى الآن أكثر من التطبيق إلا أن وجوده كفكرة في بداية الأمر ستسهل اتباعه في وقت لاحق عند اكتمال نضج الفكرة، ذلك على أمل أن تتوسع المساهمة في التعريف أكثر بمفهوم الادخار، وسبل الادخار وآلياته المتبعة.
الادخار من حيث المفهوم هو حفظ جزء من الدخل الدوري الذي يحصل عليه الفرد اليوم للانتفاع به في المستقبل أو مجابهة طوارئ قد تمر على الفرد في حياته، كنت وغيري كثير يعتبر أن ما يستقطع من دخله سواء كان للتأمينات أو للتقاعد بحسب موقعك الوظيفي هو جزء من برنامج ادخاري متكامل حيث يستقطع من دخلي اليوم ليصرف لي راتبا تقاعديا لاحقا وعليه سنتمكن من تلبية احتياجاتنا المستقبلية، بجانب التقاعد لم يكن للادخار معاني وتطبيقات كثيرة في حياتنا لا من حيث المفهوم ولا من حيث التطبيق. اكتشفت واكتشف غيري كثير لاحقا أن الادخار التقاعدي ليس كل الادخار وإنما هو جزء من أدوات الادخار الكثيرة والمتعددة التي تعول عليها الأسر في مستقبلها لمواجهة احتياجاتها وحتى نفقاتها الاعتيادية عند انقطاع الدخل الدوري المنتظم أو حتى الظروف المتقلبة في للأعمال الحرة.
الادخار والاقتراض أعداء لا يلتقيان لا تطبيقيا ولا لغويا فجميع معاجم اللغة العربية متفقه أن الادخار هو مصطلح اقتصادي يعني احتفاظ الانسان بجزء من دخله للمستقبل، كما جاء في المعجم الوسيط أما الاقتراض فهو استدعاء جزء من دخلك المستقبلي لمنفعة اليوم سيارة، سفر، منزل وغيرها من المنافع.
أسعدني الأسبوع الماضي قراءة بعض الأخبار التي تشير إلى نية التعليم ادراج مادة تعليمية تختص بالادخار المالي والتخطيط له، سواء كان ذلك في سنين الدراسة العامة المتقدمة أو كمنهج أساسي في الدراسة الجامعية، سبقهم إلى هذا عدد من المختصين والمهتمين بالادخار في وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك المراكز التدريبية التي دأبت على تدريب على برامج الرخص المهنية والتحليل المالي والفني قد أتجه بعضها لتدريب الادخار, كل هذا الاهتمام هو إشارة واضحة إلى بدأ انتشار الادخار كمفهوم والرغبة في معرفته خصوصا مع تغير كثير من التكاليف المعيشية اليوم وصعوبة تحقيق كثير من الأهداف المالية. الحقيقة ضعف معرفة الادخار من حيث المفهوم والتطبيق كانت ذات أثر سلبي على سلوك الأفراد خصوصا ربطه بالبخل مثلا والخلط بينهما واعتبار الادخار ذريعة يستتر بها البخيل. يضاف إلى الضعف المعرفي بالادخار، أيضا قلت أدواته وبرامجه فقط قصر القطاع المالي كثيرا في السنوات الماضية في ابتكار برامج ادخار أسرية أو فردية، وكذلك لم يستنسخ أي من البرامج المتاحة لدى البنوك العالمية وهم شركاء لعدد من مؤسساتنا المالية في البلاد، كانت مساهمة القطاع المالي في هذا الجانب ضعيفة ولا زالت كذلك ولعل التوجه نحو تعريف الادخار وأدواته سيحفز المؤسسات المالية على إيجاد برامج ادخار تتماشى مع احتياجات الأسر والأفراد في المملكة وكذلك تتفهم سلوكهم. حاولت شركات التأمين والتكافل في المملكة إيجاد برامج تأمينية تحاكي فكر الادخار إلا أنها لهذه اللحظة لم تجد رواجا ولا قبلوا من الجمهور.