«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
انتشرت هذا العام شائعات حول تراجع أسعار الأغنام والماشية مدعومة بآراء وفيديوهات تنشر عدم وجود حراك حقيقي في أسواق الأغنام بالمدن الكبرى والشهيرة بتجارة الأغنام، إلا أن واقع الأسواق يؤكد غير ذلك تماماً، فقد يكون هناك بالفعل ضعف في قوة الطلب ناتج عن غياب شريحة عريضة من المستهلكين السعوديين نتيجة تزامن فترة عيد الأضحى مع إجازة الصيف، وربما التزامن الشرائي في التكاليف بشكل يدعم فرضية عدم وجود القدرة الشرائية للإقبال على الأضاحي في مثل فترة اجازة الصيف واستقبال المدارس بعدها مباشرة. ورغم هذه الافتراضات النظرية، إلا أن الذهاب لشراء أضحية يؤكد أنه لا أساس من الصحة لوجود تراجع في أسعارها، بل على النقيض ستكتشف شحاً في العرض وارتفاعاً في الأسعار، هذا الشح التكتيكي يحدث من التجار في كل موسم، كان آخرها موسم رمضان، حيث ارتفعت الأسعار بمعدلات ما بين 30 - 40 في المائة.
وتعتقد «وحدة أبحاث الجزيرة» أن الأسعار خلال فترة أسبوع عيد الأضحى ستشهد ارتفاعاً ولكن ربما بمعدلات أقل هذا الموسم، لشيء واحد لسريان وجود روح التراجع في الأسعار.
ارتفاع قياسي في عدد حجاج 2017 من توقعات رؤية 2030
ما زلنا نتمسك بكل ما جاء في رؤية 2030 لأنها بمثابة الوثيقة للاقتصاد الوطني طيلة السنوات الخمس التالية وحتى 2030، الوثيقة رصدت توقعاتها للعدد السنوي للحجاج، متوقعة أن يصل في عام 2017 إلى 2.23 مليون حاج، إلا أن التقديرات الآتية من المنافذ والمنشورة تؤكد حتى الآن أن هذا العدد سيصل بحد أدنى إلى 2.4 مليون حاج، وتصل بعض التقديرات المحسوبة بهذا العدد إلى مستوى 2.6 مليون حاج. للعلم فإن ارتفاع العدد الفعلي للحجاج في 2017 عن توقعات 2030 يعبر عن نجاح للرؤية لأنها تضع توقعات متحفظة تقل عن الواقع الفعلي.
وعليه، فإن عدد الحجاج هذا العام يرتفع بنسبة تناهز 20 في المائة عن مستويات العام الماضي، إذا كيف لنا أن نتصور أن يحدث تراجع في أسعار الأضاحي أو في سوق الأغنام الذين يقوم على الأضاحي خلال هذا الموسم؟ هذه الفرضية يمكن أن تحدث في حالة واحدة وهي افتراض أن معظم الحجاج سيكون «مفردًا» كشعيرة، وهذا غير وارد بقوة، نظراً لارتفاع تكلفة الحج في كل دول العالم نظراً للارتفاع العالمي في تذاكر الطيران، ومن ثم فإن كل حاج يفترض أن حجته ستكون هي الأولى والأخيرة، وخاصة في ظل القيود التي تفرض في كل دول العالم على حج الفرد، بحيث لا يقبل طلبه إلا كل خمس سنوات مثلاً. أي أن كل حاج غالبًا يكون «متمتعًا» أو «مقرنًا» لكي يحصل على أجر أعظم من رحلته التي يفترض أنها لن تتكرر غالبًا.
سوق الأضاحي هذا العام هو الأكبر
بناء على الافتراضات أعلاه نتوقع أن يكون سوق الأضاحي هذا العام كبيرًا ومتسعًا ويتفوق على السنوات الماضية، ولو افترضنا أن الطلب على الأغنام سيكون للأضاحي فقط بعيدًا عن طلب الأهالي من السعوديين من غير الحجاج على الأضاحي، وبعيدًا أيضًا عن الطلب للغذاء والمطاعم وغيرها، فإننا نتوقع طلبًا إضافيًا غير معهودًا على الأغنام. فإذا كان الطلب على الأضاحي في العام الماضي يناهز 1.4 مليون أضحية، فإن الطلب هذا العام يتوقع أن يصل إلى 1.68 مليون أضحية، بقيمة سوقية تراوح بين 1.4 إلى 1.7 مليار ريال، وذلك بافتراض مستويات أسعار مماثلة لمستوياتها في العام الماضي.
1.5 مليون ذبيحة ولا يوجد طلب على لحومها
نأمل أن يتم تحقيق أكبر استغلال ممكن لسوق الأضاحي، لأننا أمام كم هائل من الأغنام والماشية المذبوحة خلال فترة أربعة أيام، قد تصل بأقل التقديرات إلى 1.5 مليون ذبيحة، فهلا لنا أن نجد من يطلب لحومها؟ وهل الحجاج بعددهم الكبير قادرون على استهلاك مثل هذا الكم من اللحوم؟. فلو افترضنا أن وزن الذبيحة الصافي يصل إلى 15 كيلو جرامًا، سنكون أمام 22.5 مليون كجم لحوم، بقسمتها على عدد الحجاج سيكون نصيب الفرد منها نحو 9.3 كجم، فهل الحاج مهيأ لاستهلاك هذه الكمية؟ بالطبع غير مهيأ. بل خلال فترة الحج ونظرًا لانتشار الذبح في كل الطرقات، يصاب معظم الحجاج باضطرابات معوية، لا يستطيعون معها غالبًا تناول أي شيء من اللحوم. لذلك، فنحن أمام فاقد سنوي كبير وهائل من اللحوم يحتاج لخطة استراتيجية لاستغلاله. وقد بدأت مجهودات كريمة من حكومة خادم الحرمين الشريفين لاستغلال هذه اللحوم والسعي لنقلها مباشرة إلى دول أخرى وتقديمها للفقراء.
إلا أن الكم الكبير يحتاج لمجهودات أكبر لعدم إهدار مثل هذه الثروة الهائلة.
سوق الأضاحي بـ1.7 مليار ريال
تقدر وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ «الجزيرة»، حجم سوق الأضاحي هذا العام (2017) بنحو 1.7 مليون رأس من الضأن والماعز، بمتوسط قيمة 1000 ريال للوحدة ا لواحدة، وذلك على أقل تقدير.