رقية سليمان الهويريني
ما زلت أكتب في كل مناسبة دينية عن تعدُّد أبواب الخير التي توافق الحاجة وتسد نوافذ الفاقة!
وكأنني حالياً أرقب حالة من الوعي في المجتمع بتنويع الصرف في أبواب البر والخير بما ينفع المسلمين. فقد كنا فيما مضى نشهد حالة من المباهاة حين يلتقي الأقارب والأصدقاء يوم العيد أو ما يعقبه من أيام فيطلقون السؤال السنوي (كم ضحيتوا؟)، وكلما كان العدد كبيراً كانت (الأبهة) أكبر! أما من يشتري (السندات) فيتوارى خجلاً!
وفي حين أنّ الأضحية سنّة يقوم بها القادرون تأسِّياً بنبينا صلى الله عليه وسلم؛ إلاّ أنّ البعض حوَّلها لواجب، وصار بسبب ذلك متكدِّراً ومتورِّطاً! ويعيش بعض المسلمين حيرة وضيقاً وحرجاً بسبب قدوم عيد الأضحى المبارك دون قدرة منهم على شراء الأضحية، وبرغم تلك الورطة والضيق إلاّ أننا لم نرَ شيخاً يتصدى للموضوع، ليؤكد على أنها سنّة يقوم بها القادر ويتصدق منها على المحتاج، بل الملاحظ الحث على النحر، وكأنها من الواجبات! وكان جديراً مراعاة الحالة الاقتصادية السيئة المحيطة بالمسلمين.
ومن العجيب ذبح عدة أضحيات في بيت واحد من وصايا وأسبال، ومن ثم تخزينها بالتجميد بعد توزيع النزر القليل منها. ولو صُرفت مبالغ شرائها في رفع المستوى الاقتصادي لبعض الأُسر المحتاجة، أو المساهمة في علاج بعض الأمراض المستعصية، لكان أجدى وأكثر أجراً!
ومن المحزن مشاهدة شعوب ينهشها الفقر ثم تقترض لشراء أضحية يسددون ديونها عاماً كاملاً! أوَليس ديننا الإسلامي دين التخفيف ورفع الكلفة عن الإنسانية؟ فمن حوَّلها من سنّة إلى فروض وواجبات؟ بينما تُروى عن رسول الرحمة والإنسانية عليه الصلاة والسلام أحاديث شريفة تدعو للرِّفق بالبشر ومراعاة أحوالهم، وهو الذي يقول: (افعل ولا حرج) في حجّته الوحيدة حجة الوداع.
ومن المأثور أنّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما تركا عمداً ذبح الأضحية بعض الأعوام لتأكيد سنِّيتها وعدم وجوبها.
اللهم اجعل الأضحى عيداً مباركاً، وبلدنا وطناً آمناً!