عثمان بن حمد أباالخيل
أصبح التحليل بِكل أشكاله وألوانه من الضروريات في الحياة المعاصرة، وهذه الضرورة أتتْ منْ تعقيدات البشر وليس من تعقيدات الحياة فالحياة لا تُعقّد البشر وأصبح حتماً وجود محللين يناقشون ويحللون ويدلون بآرائهم وأفكارهم وتوقعاتهم وتنبؤاتهم المستقبلية تشعبت وكثُرت قضايا التحليل فهناك محلل رياضي، محلل اقتصادي، محلل مالي، محلل سياسي، محلل قانوني، محلل استراتيجي، محلل عسكري، محلل فني، محلل عقارات، محلل أسهم، محلل نظم، محلل نفسي، محلل اجتماعي، محلل بيانات، محلل الأعمال، محلل موارد بشرية، محلل تسويق والخبير الإستراتيجي والمستشار ومسميات تدور في هذا الفلك.
القنوات الفضائية تستضيف كل يوم عشرات المحللين الذين يحللون الأوضاع أوضاع الدول والشركات والأسهم والحرب والسلم والاقتصاد منهم المّلمْ والقادر على التحليل ويملك أدواتها ومنهم من يزيد الطين بِلة أو كما حسب المثل (نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً)، وللأسف هؤلاء أصبحوا أكبر من حجمهم الحقيقي وهذه مسؤولية القناة الفضائية وربما هدف القناة جذب المشاهدين وربما يهدفون شريحة معينة من المشاهدين. برأيي الشخصي المحلل الذي هدفه المصداقية والتنوير ورسم الصورة كما هي لا بد من وجود أدوات التحليل وعلى سبيل المثال المحلل السياسي لا بد من وجود مخزون معرفي وذهني ومعرفة الخارطة السياسية والواقع السياسي ومتابع لكل ما يستجد على الساحة الدولية واطلاعه على المعلومات الحديثة والمتاحة كالتقارير والنشرات والإحصاءات والتصريحات الرسمية. أما المحلل الرياضي لا بد من الثقافة والفكر الكروي والحيادية والقدرة على إيصال الفكرة للمتلقي والإلمام بأصول التكتيك. قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات.
عملية اختيار وتعين المحلل عملية ليستْ سهلة فهي في غاية المسؤولية فهي تؤثر على قرارات المشاهدين خصوصا في مجال الأسهم والعقار فهناك ضحايا لبعض المحللين الذين وجهوا الناس في الاتجاه المعاكس للواقع فمن المسؤول؟ القناة الفضائية عليها تقع المسؤولية في استضافة هذا المحلل أو تعينيه كمحل أسهم أو عقار لهذه القناة. نحن بحاجة إلى المصداقية وتحمل المسؤولية وبحاجة ماسة للتحليل المالي المنهجي الذي يلبي حاجة المتعاملين في سوق الأسهم. وأرى على المحلل الذي يعطي تحليلاً خاطئاً مؤثرا على المساهمين الحق في إقامة دعوى قضائية في المحكمة التجارية التي هدفها دعم الاقتصاد الوطني وحفظ حقوق المستثمرين وردع المحللين الذين هدفهم ربما الظهور والشهرة وقفل باب المجتهدين والمتسلقين.
نسبة مئوية كبيرة من الجمهور الرياضي مُتعصّب تعصباً سببه بعض المحللين الرياضيين الذين يبذرون بذرة التعصب وهناك دراسة تثبت ذلك نحو 26 % أن من مسببات مشكلة التعصب الرياضي هو استضافة الإعلاميين في البرامج الرياضية بكثرة للإساءة إلى الأندية التي يشجعونها دون مبرر هدفها إثارة التعصب والألفاظ البذيئة التي تقال داخل الملاعب وربما خارجها وأرى أن هذه النسبة متدنية ربما تصل إلى 50 %، من يوقف هؤلاء المحليين الرياضيين أهي القناة الفضائية أم وزارة الثقافة والإعلام أم الهيئة العامة للرياضة، ترى ما هو العقاب المناسب؟
وفي الختام الواقعية وعدم المبالغة هو غاية التحليل الهادف في كافة أشكاله وأنواعه، ما أجمل الواقعية في حياتنا أقتبس (الإنسان مطبوع على الخطأ ولكن الأغبياء مطبوعون على التمسك به).