د. عبدالرحمن الشلاش
يخشى بعض المسؤولين كباراً أو صغاراً النقد الإعلامي سواء الرسمي أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهرون امتعاضاً شديداً من أي ناقد حتى ولو كان نقده حقيقياً ولا يحمل في مضامينه أي تجني أو مبالغات، وقد شهدت بنفسي من خلال خبرتي الإعلامية عدم ترحيب بعض المسؤولين بمن يعملون في المجال الإعلامي وهؤلاء غالباً لديهم أخطاء في إداراتهم ويخشون كشفها، وهم في نفس الوقت يرحبون بمن يثني عليهم ويبالغ في مدحهم فليس لديهم أي توسط فهم يبعدون الناقد ويقربون المادح.
هذه الفوبيا أو الرهاب من النقد تزايدت في الآونة الأخيرة وقد لاحظنا أكثر من مسؤول يحاول قدر استطاعته عدم الرد على المنتقدين، وإن رد جاب العيد حيث يحاول التبرير بطريقة غير مقبولة، أو مهاجمة المنتقدين ووصفهم بالمعترضين وكثيري الشكوى والبكاء، رغم أن النقد هنا ليس موجهاً للأشخاص بقدر ما هو موجه للعمل من قرارات قد يراها الإعلامي أو الناشط غير مناسبة أو تصرفات غير ملائمة.
رهاب المسؤول من النقد هل هو بسبب الخوف من مساءلته من رؤسائه، أم هز صورته أمام المجتمع، أم أنه يخاف من الإعفاء كون الدولة تبادر إلى إعفاء المسؤول عندما تجد أنه لا يحقق مصالح المواطنين، وقد شهدنا بعض حالات الإعفاء! فهل الخوف من الإعفاء أو النقل يشكل ضغطاً كبيراً أم أن اهتزاز الثقة يؤدي لمثل هذا الرهاب؟
هنا سؤال وهو هل النقد الإعلامي ضرورة أم أنه لا يمثل أي ضرورة وينبغي الحد منه كي تقل وتيرة الخوف لدى المسؤول ويتفرغ لعمله في أريحية تامة ودون تشويش أو شوشرة وبعيداً عن تأثيرات المعترضين وغيرهم من الفضوليين؟
الواقع أن النقد الإعلامي المتوازن والهادف بات ضرورة وطنية لصانع القرار لتلافي الأخطاء والتطوير والتحديث للوصول إلى أفضل أداء ممكن.. فبغياب النقد لن تكون هناك مرايا عاكسة وتغذية راجعة لكل مسؤول كي يعدل ويصحح، وحتى لو صدر قرار وهو غير صحيح، وكانت ردود الفعل حوله سلبية، فيجب أن تؤخذ بعين الاعتبار دون تشنج.
بل إني أذهب إلى أبعد من ذلك بأن يكون المجتمع شريكاً رئيساً يؤخذ رأيه عبر استطلاعات رأي خاصة؛ والمملكة حالياً بصدد تنفيذ رؤية مستقبلية طويلة المدى يشكل النقد فيها عنصراً هاماً للتصحيح، وكما نعلم فإن الدولة دائماً ما تتجاوب مع صدى الشارع السعودي وهو ما يجب أن يعيه أي مسؤول.