نوف بنت عبدالله الحسين
إلى ذلك الطهر..
الذي تبثه عينك اليسرى...
كلما ابتسمت ومال رأسك...
علمت بأن هناك حدثًا غير اعتيادي سيحدث...
كان مقاس اللوحة مترًا في متر... استلزم إنتاجها مخاضًا طويلاً... مسيرة فرشاة وألوان.. تمشي بمحاذاة مع رواية كتبتها... لتكون بوتقة لوحة كتبتها أو رواية رسمتها... وهكذا الأمر معي... تختلط الكتابة بالريشة... فتارة أكتب وتارة أخرى أرسم... لكن هناك من يترصدني عن كثب... يتصيد أي لحظة ليداهم لوحتي.. أحيانًا أجد خطًّا صغيرًا يقسمها من المنتصف، ويتجاوز الجدار المستند إليها... فأصاب بالذعر من أن تفسد بوتقة... أحاول المحافظة عليها منذ أشهر طويلة... وفي كل مرة أجد خربشات صغيرة... حاولت تجاهلها... وإصلاحها... والمحافظة على اللوحة الرواية... بدأت أراقب اللوحة... وأحرص عليها... أغذيها من الألوان... وأحلق بسرياليتها... إلى أن وصلت إلى اللحظة الأخيرة... أنهيتها منتشية بالألوان... نمت قريرة العين... وظلت أيامًا وهي كضحكة الربيع في بداية تفتح الورود... وفي ليلة حدثت المفاجأة... لم يكن خطًّا كالعادة... ولم تكن مجرد خربشات... كانت كارثة... فاجعة... تأملت اللوحة... وقد مورس في حقها نقلة ماكرة من يد اختلست القلم فأمعنت في إحداث ما كنت خائفة منه... امتلأت بالغضب... لكن لاحت في ذاكرتي لحظة شبيهة... إلا أنها لم تكن على اللوحة... رحلت إلى الذاكرة الغضة الصغيرة... كنت قد وجدت قلمًا مغريًا... فتذوقت طعم الكتابة على الجدار في عمر صغير... قلم أحمر مارس اقترافي حمق التجربة والرغبة في صنع نتيجة... حتى ولو كانت النتيجة صفعة تأديب إلا أن التجربة تستحق...
هنا تغير الأمر... وتغير الشعور... بل الحقيقة... أعادني ذلك المشاغب الصغير إلى لحظة التجربة التي تعلمنا وتصقلنا... تلك التجارب التي تصنع الفارق وتكون هويتنا... التي تجعلنا نخطئ ونخطئ ونمارس خطأ أكبر... إلى أن نتعلم من أخطائنا... ونصنع منها أجمل اللوحات وأجمل أثر... وهنا تعلمت أجمل درس من ملهمي المشاغب.