د. محمد عبدالله الخازم
طرحت السؤال، ماذا يعني العيد لكم؟ فكانت الاجابات متنوعة، في الغالب تنتمي لفئة ترى الجانب الديني مصدر للسعادة وأخرى لم تعد تجد في العيد أية متعة. الحج شعيرة تعبدية نتقرب فيها بالطاعات لله سبحانه وتعالى ويجتمع فيه المسلمون من اصقاع الدنيا لأداء فريضة الحج. كما انه فرصة لزيارة الأقارب وصلة الرحم والعطف والعطاء. هذا ملخص إجابات عديدة، أحسن النية وأشير إلى أنها فعلاً تستمد سعادتها في العيد من خلال استشعار قيمته ورمزيته التعبدية والدينية. جميل استيعاب فلسفة العيد ومغازية الشرعية، لكنه يجب أن لا تكون تلك مجرد عبارات نرددها، دون فعل يسندها بما يؤكد تلك المعاني ويجسدها في أفعال تؤدى بشكل ممزوج بالمرح والسعادة. لا يكفي أن نشير إلى العطف والعطاء ونحن ممسكون بأيدينا وإن أعطينا يكون ذلك بشكل جاف وكأنه عبء لا ينبع من مشاعر صادقة وإنما إحساس بالواجب الثقيل المفروض علينا.
هناك من عبر عن العيد بعبارات تعكس ذكريات جميلة «عيد الحج ذكريات اللحمة والكبدة» أو «العيد ثوب جديد وابتسامة شيخ كبير وفرحة طفل صغير». جميلة هي ذكريات العيد وحلمنا دائم بتكرار لحظات السعادة بشكل أجمل. زملاء في الغربة كان رأيهم بأن حلاوة العيد تكون داخل الوطن وسط الأهل والأقارب. هذا أمر مفروغ منه، كون ذكريات العيد دائماً ترتبط بحكايات الأسرة والأقارب وتجمعاتهم. لكن ليس هناك ما يمنع كونها فرصة لاستشعار السعادة بطرق أخرى خارج الوطن. هناك أعياد الجاليات الإسلامية المختلفة وهناك اجتماعات الأصدقاء من نفس الجنسية وجنسيات أخرى وهناك وسائل ترفيه متوفرة في المدن التي يعيش فيها المغترب، وهي فرصة لأن يكتشف فيها طرق جديدة للاحتفال بالعيد، لا أن يندب حظه فقط كونه بعيداً عن الأهل.
هناك إجابات لم تر في العيد أية بهجة، أو كما عبرت عنه أحداهن «اعيادنا كلها كئيبة». بعض مرددي تلك المقولات لهم العذر في ذلك عطفاً على ظروفهم الاجتماعية، ولكن ليس الجميع. المطلوب عدم انتظار من يصنع لنا البهجة والسعادة دون مبادرة منا في ذلك. لا يحسن أن نكتفي بلوم البلد لعدم وجود فعاليات ترفيهية، ثم ننتقد أي فعالية ولا نبادر بالمشاركة في تطويرها. كما لا يحسن اتهام الناس بالجفاف دون مبادرة منا بكسر ذلك الجفاف بالتواصل وإبداء الاهتمام والتسامح...إلخ.
شكراً لمن أجاب السؤال مع الاعتذار لعدم ذكر الأسماء، لمحدودية المساحة. مع الإشارة إلى أن بعض الإجابات كانت حول الحج كشعيرة ونسك وكفعل تنموي واقتصادي. ربما استفيد منها في طرح حول موضوع الحج وخدمة الحجيج.
قبل الختام أنتهز الفرصة للإشادة بالعاملين في موسم الحج. آلاف يعملون على خدمة الحجيج من جميع القطاعات الدولة؛ الأمن، الصحة، الحرس، البلديات، الإمارات، الدفاع، الحج، الكشافة وغيرها من القطاعات. دعواتي لهم جميعاً بالتوفيق في مهامهم وتقديري لجهودهم الكبرى في إخراج موسم حج، كما عودونا، ناجح موفق يعكس توجهات وجهود بلادنا في الاهتمام بشعيرة الحج وخدمة الحرمين الشريفين.
كل عام وأنتم بخير.