عمر إبراهيم الرشيد
لا يعدل الشعور الذي يغمر من يشاهد أفواج الحجيج تتهادى بين المشاعر أي شعور غيره بالفخر والاعتزاز لدى المسلمين عامة والسعوديين خاصة. ذلك أن المشاريع الخدمية الجبارة في المشاعر وفي الحرمين، الى جانب عشرات الألوف من العاملين والموظفين المناط بهم خدمة ورعاية الحجيج، من عسكريين ومدنيين هي من يفجر تلك المشاعر في نفوس السعوديين والمسلمين ممن قدموا للحج من كل بلاد الدنيا. وإن كانت الثورة الرقمية اليوم قد أسقطت جميع الحواجز ونقلت الصورة والخبر بلمح البصر، إلا أن المشاهدة الحية تبقى هي المؤثر الأكبر في نفس من يعايش الحدث عيانًا ويرى ويلمس ما شاهده أو سمع به من بعيد، وهذا مشاهد حين يتحدث الحجاج بشعور غامر من الحبور والدهشة، من جهة تأثير المناسك وهيبة المشاعر المقدسة وعبق الأنبياء والصديقين في نواحي مكة والمدينة والحرمين، ومن جهة أخرى لما يشاهدونه بأعينهم المجردة لهذه المشاريع والخدمات وتعامل الجنود والمدنيين بكل ترحاب وحب وتفانٍ، فهل بعد هذا من فخر لكل سعودي يعي معاني انتمائه لدينه ووطنه.
ثمة شعار جميل أطلقته القناة الأولى للتلفزيون السعودي (السعودية ترحب بالعالم) وهو شعار فيه من التجديد وما يتماهى مع الرؤية والتحول الوطني، وبعد عن العبارات النمطية والمكررة، شعارًا لما تفخر به الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومعه الشعب السعودي بتقديمه لحجاج البيت العتيق. ونعلم أن أكبر نعمة من الله بها على هذه البلاد المعطاءة هي الحرمان الشريفان، البيت العتيق ومثوى سيد البشر، ومتى ما استشعر المواطن هذه المعاني أدرك المكانة الحقيقية للمملكة، عدا عن دورها ومكانتها سياسيًا واقتصاديًا، إقليميًا ودوليًا وهذه هي النعمة الثانية. لذا دائمًا ما تحرص وتؤكد عليه المملكة، على غرس وتعزيز روح الانتماء الحقيقي لدى مواطنيها لتأثيره على العطاء والإنتاج بما يخدم الوطن والمجتمع، ولنا في النماذج السعودية الناجحة داخليًا وخارجيًا خير برهان. عدا عن التأكيد على مسألة مراعاة هذه الهوية المميزة للسياح السعوديين لأن السائح سفير لبلاده أينما حل وارتحل. وكما قلت فإن مشاريع ومرافق الحج والعمرة العملاقة عدا عن كونها الواجهة المشرقة للمملكة وللشعب السعودي، فإن موسم الحج أعظم دورة صقل وتدريب وتعبئة للمهارات العلمية والمهنية والإدارية للسعوديين، ويكفي أن نعلم أن المشاعر يوجد بها أكثر من خمسمائة غرفة عناية طبية مركزة وهو ما لا يوجد في العالم في مساحة محدودة كمساحة المشاعر. الحج والمشاعر والحرمان الشريفان أكبر النعم على هذه البلاد، ومورد خير وبركات، ومنها كما قلت إنها مناجم لصقل الكفاءات السعودية العلمية والمهنية، المدنية والعسكرية. حفظ الله هذه البلاد حكومة وشعباً وتقبل منا ومنكم صالح العمل والله يرعاكم.