د.عبدالعزيز الجار الله
يمكن القول أن حج هذا العام 1438هـ/2017 من الأعوام التاريخية، وهذه ليست مبالغة لكنها حقيقة في سجلات مواسم الحج ليس فقط بوصول الرقم إلى نحو (3) ملايين مع العاملين على خدمة الحجيج وإنما لسهولة ويسر وصول معظم الحجاج إلى المناسك بما فيها صحن الكعبة والدور الأرضي للمسعى ورمي الجمرات، وصول هذا العدد دون اختناقات، لذا سيذكرها تاريخ الحج بعد عمل دام أكثر من (15) عامًا من الجهد المتواصل فأعطت نتائج بارزة شاهدها الجميع داخل المشاعر ونقلتها وسائل الإعلام، والأسباب تعود لتوفيق الله ثم إلى:
أولاً: التقت إرادة القيادة الرشيدة في توجه واحد من زمن الملك فهد والملك عبدالله يرحمهما الله ثم الملك سلمان يحفظه الله وإمارة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل ووزارة المالية ووزارة الحج على نقل الحج من الازدحام والاختناقات إلى اليسر والسهولة في تأدية النسك والتنقل بين المشاعر بالراحة والطمأنينة.
ثانيًا: بذلت القيادة الكريمة الجهود الكبيرة حيث خصصت لمكة المكرمة الميزانيات العالية وهي الأعلى في تاريخها خلال الـ(15) سنة الماضية، وعززت بأموال من فائض العوائد النفطية، كما خصصت ميزانيات ضخمة لإعمار المسجد الحرام وتوسعة مباني المسجد وإضافة وحدات معمارية جديدة.
ثالثًا: توسعة صحن الكعبة، وانسيابية الأروقة الخلفية للصحن، والمجنبات المؤدية إلى البوابات، توسعة المسعى وتعدد أدواره، عمارة الملك عبدالله الشمالية وتجهيزاتها اجتذبت المتعبدين إليها، مما خفف على الصحن وأروقة الكعبة.
رابعًا: تطورت الأجهزة الحكومية الأمنية والتخطيطية والإدارية حيث اكتسبت خبرات طويلة ومتراكمة من خلال عملها المتواصل مع التحديث في قياداتها واستقطاب الكفاءات العالية وتمكينها من ممارسة مهامها بكل ثقة.
خامسًا: التطبيق الفعلي والعملي لرؤية المملكة 2030 في جعل أداء الحج من الأعمال الآمنة يقبل عليها المسلم بكل طمأنينة.
سادسًا: البدء في تنفيذ رؤية السعودية 2030 وتحقيق أحد أهدافها أن جعل أداء العمرة وزيارة المدينتين المقدستين طوال العام وليست لأشهر محدودة، فتمكن الحجاج من الحج والعمرة وتأدية جميع أركان الحج وواجباته وسننه دون خوف من زحام وتدافع وحوادث لاسمح الله.
حمدت الله كثيرًا أني كنت من حجاج هذا العام 1438هـ، في رحلة سبق أن عشت تفاصيلها في زمن سابق كان يطلق عليها طوال التاريخ برحلة العذاب والموت في المسيرة وتأدية المناسك، مما يلاقونه من الزحام والتدافع، حيث شكل قطار المشاعر المحور الناقل لتفويج الحجيج وما يسمونه بخطة (تفتيت كتل المتعجلين) وتفويجهم بوقت قياسي وعزلهم عن حملات المتأخرين ليوم (13) من أيام الحج.
بارك الله بجميع العاملين على تنظيم وتخطيط الحج وبارك الله في المشرفين والمنفذين ومن هم في رباط وثغر ومنفذ من منافذ المشاعر.