د. حمزة السالم
الخوف على العاطل نفسه لا منه. فالعاطل محطم ذاتيا، وقد تتأذى نفسيته فيضر بنفسه أو بعائلته أو جيرانه. وهو ثروة مهدرة. فأعتقد أن موضوع البطالة اليوم، يُستحسن حلها حلا فوريا، يخدمها ويخدم المشاريع الأخرى.
ومما يطرأ لي من الحلول الفورية ذات إمكانية نجاح كبيرة، وله كلفة ليست بكبيرة وذات عوائد ضخمة، برنامج يعتمد في نجاحه على خلق «»بيئة طوارئ «»ويراعى فيها الفطرة البشرية الطبيعية، فيقوم الحل على العطاء والأمل والعقاب ثم استدراك الفشل كما سيأتي بيانه ضمن الاتي:
أولا: قبول جميع العاطلين في مدن المملكة الرئيسية. وبحسب مؤهلاته، يُتفق معه براتب أعلى من رواتب السوق بفارق جيد ملحوظ، فهذا هو العطاء. وبمرتبة أعلى قليلا مما سيحصل عليه في السوق، فهذا هو الامل والحافز لعدم الفشل. وبوظيفة متدرب مفتوحة تشير لمؤهلاته كالجامعي حتى مستوى الأمي. وتُبين بوضوح صرامة الطرد وأسبابه تماما بمعيار دقيق يصعب التهاون فيه تيسيرا أو تعقيدا، وهذا هو العقاب. وتشكيل برنامج للمطرودين بنفس الرواتب لكن بدون المرتبة الأعلى، وهذا هو استدراك الفشل.
ثانيا: خلق كيان جديد، مؤقت، كالتي تقام فترات الطوارئ والحروب، لا هيئة رسمية دائمة. فالطوارئ تستفز أهل النصرة والنجدة، فطرة ،كالذين نراهم ونعجب من جلدهم عند حدوث الكوارث، ويطبق الآتي عند اختيارهم:
1 - يكون العاملون فيها ممن يتقدم لها ولا يعينون تعيينا. كأن يعلن عن إقامة مهمة طوارئ لإنهاء البطالة، ثم تبين الحاجيات ثم دعوة مفتوحة للتسجيل لمن يرى نفسه يسد مسدا في ثغرة ما.
2 - ويتوقف دور الدولة، في التعيين، على استخدام سلطتها لإجبار مرجعه الوظيفي بالتخلي عنه فترة الطوارئ.
3 - يحرص على أن يكونوا بعيدين قدر الإمكان بعيدا عن الكيانات القديمة، وأن لا علاقة للكيانات القديمة بإشراف عليه. كيان من مجموعات لا علاقة لها بالوزارات الحالية ولا الجامعات ولا المعاهد، ولا الشركات.
4 - تكون مجموعة المهمة هم من يقوم بالإشراف والتنفيذ الكاملين، مع وجود حذر لمراقبين لا (مزكين مناصب) ومستشارين من الدولة يتم اختيارهم بشكل دقيق بتوافق مع نوع هذه المهمة.
5 - يمكن أن يُستعان -بلا اتفاق مسبق مع منظماتهم- مع المدرسين والمدربين من الجامعات والمعاهد وممن يقدر على هذه النوعية من العمل.
6 - يحرص في تنظيمها أن يُبتعد بها عن أي مؤثر من مؤثرات التطلع للمناصب.
7 - يمنع الثناء عليها تماما إعلاميا بينما يفتح باب النقد ويشجع عليه.
ثالثا: إقامة برامج تدريبية عالية الانضباطية والمستوى المهني والعلمي، يراعى فيها الآتي:
1 - الابتعاد عن التعاقد مع منظمات، بل مع أفراد من الداخل والخارج لفترة قصيرة، ويحرص على عدم دخول شركات التدريب والاستشارات أينما كانت، مع إعلان جميع المكافآت والمزايا على الصفحة الأولى للبرنامج وتبريرها. مع منع أي تدليس لأي سبب.
2 - تأسيس المهارات والعلوم، لا يكون من نظرة دينية مطلقا، بل من باب عوائد الثقة على صاحبها.
3 - يُركز على تصميم نظام تقييم مبتكر، فيه توازن التقييم المتعاكس، وفيه استحفاز همم الطموحين وفيه استغلال نفوس المخلصين، ويكون هدف التقييم البحث عن الخطأ لا عن الصواب. فنجاح نظام التقييم هو نجاح المشروع، وفشله فشل له.
4 - تجهز خطط إعادة تدريب وتدريس التخصصات على آخر ما توصلت إليه الأسواق. فخريج الجامعة، سواء كان خريج دكتوراه أو البكالوريوس عادة لا يحمل مما درسه شيئاً إلا صوراً ضبابية على أفضل تقدير.
5 - فيرسل المهندسون لبرنامجهم، وخريجو العلوم الإنسانية لبرامجهم المتنوعة، (فالمفترض أنهم أهل التحليل واستخراج النتائج، ليس كما هو حالهم عندنا). ويرسل أهل التخصصات الفنية الى تخصصاتهم وهكذا.
وقد يقال: فما الجديد إذاً: إن الذي تغير اليوم في البرنامج المكثف، هو العطاء والأمل والعقاب. فالطالب الموظف نفسه هو من سيبلغ عن المدرس الفاشل أو الشعبي المعطي للدرجات. وعند الخجل من الفشل فلا عذر لهم أمام أهليهم. إلى غير ذلك.
النتيجة: جيش من الإنكشارية في السوق السعودية، يحل مشكلة العطالة ويقدم موردا بشريا للتخصيص القادم الذي سيواجه معضلة كبيرة في العامل البشري الوطني.