محمد آل الشيخ
يبدو أن أوبريت (عَلّم قطر) التي كتب كلماته معالي الأستاذ تركي آل الشيخ، أصاب نظام الحمدين في مقتل؛ هذا ما عكسته قناة الجزيرة بوضوح، بل وبشكل مضحك، يصل إلى درجة الجعجعة الهستيرية. والإعلام الحديث، يعد الفن بمختلف أشكاله أداة إعلامية، من أقوى أساليب القوة الناعمة (Soft Power ) التي تمتلكها الدول. أفلام هوليوود السينمائية - مثلاً - دائمًا ما توظفها أمريكا في صراعاتها السياسية، حيث أثبتت التجارب أن قوة أمريكا الناعمة هذه كان لها أبلغ الأثر إبان الحرب الباردة بينها وبين السوفييت، بل كانت من أهم ما تفوقت فيه أمريكا على المعسكر الشرقي برمته، وقد ساهمت مساهمة محورية في هزيمة، ومن ثم تفكك، المعسكر الشرقي. لذلك فأغلب من ينتقدوننا من عرب الشمال، ومن يدورون في فلكهم من القومجية والمتأسلمين في توظيف الطرب والأوبريت، هم في واقع الأمر يتعاطفون مع قطر، أو أن لهم موقفًا مسبقًا من المملكة. وإلا ما الفرق بين السينما والغناء كفرعين من فروع الفن؟..
وصراعنا السياسي مع قطر ليس معها، أو مع تنظيم الحمدين العميل فحسب، وإنما هو صراع مع من هم وراؤهما، والمتحالفين معهما، من الفرس الإيرانيين، والأتراك العثمانيين، الذين استغلوا كراهية و أحقاد حمد بن خليفة على المملكة ليوظفوه في مصلحتهم وخدمتهم، الأمر الذي يجعل صراعنا، ومعنا حلفاؤنا، مع الحمدين، هو مجرد الجزء الظاهر من جبل الجليد، أما الجزء الأكبر فهو ما يُخفيه الماء تحت البحر. وكل من لا يفهم صراعنا بهذا البعد، فهو لا يخلو من سطحية وغباء.
والقوة الناعمة أشكال وأصناف متنوعة، غير أن الفن بكل أفرعه وتنوعاته يأتي على رأس قائمة القوى الناعمة. ونحن بلا شك متفوقون في مجال (الفن والطرب)، ولدينا فيه تميز واضح، وقد شارك بقوة موازية للقوة الصلبة (Hard power) في معركتنا ضد صدام، وما زالت الذاكرة السعودية تختزن كثيرًا من الأغنيات والأوبريتات والقصائد التي شاركت في هزيمته هزيمة منكرة آنذاك. وصراعنا مع قطر، ومن هم وراء قطر، يأتي من حيث الأهمية على مستوى صراعنا مع صدام. فالقضية ليست أبدًا قطر، ولا حتى الحمدين المغرر بهما، وإنما من يقفون وراءهما في دعم الإرهاب، لأن ما يمارسه هذان الأبلهان يصب في مصلحة الفرس والأتراك العثمانيين مجتمعين. وفي الحروب المعاصرة تستغل الدول مواطن تفوقها استغلالاً يساند قوتها الصلبة، وهذا بالتمام ما تستخدمه الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص في شيطنة أعدائها ومناوئيها.
ونقطة ضعف قطر التي يجب استغلالها أنها دولة تعاني بالفعل بسبب سوء التنمية البشرية، فمن المعروف والمشهور أن نظام الحمدين لا يعيران اهتمامًا بتنمية الإنسان القطري، وصقل مهاراته وتدريبه، بالشكل الذي يجعله قادرًا على أن يكون عنصرًا فاعلاً في الحراك الإعلامي والثقافي المعاصر بين ثقافات الأمم؛ فلا تجد - مثلاً - في قناة الجزيرة من القطريين أحدًا، فليس ثمة إلا عرب الشمال والأخونج يصولون ويجولون في برامجها، فالإنسان القطري مغيب تغييبًا يكاد يكون كاملاً عن الفعاليات الإعلامية والثقافية والفنية بمختلف أنواعها، وهذا ما انعكس أيضًا على الفن والموسيقى والطرب، فليس في قطر إلا الفنان (علي عبدالستار)، في حين أن في المملكة عشرات بل ومئات يتوارثون الفن والطرب جيلاً بعد جيل، وتجد أعمالهم الفنية يرددها العرب من الخليج إلى المحيط.
لذلك كله، وللأسباب التي ذكرت يجب أن نستغل الطرب السعودي، والكلمة الشعرية السعودية المتفوقة، في العمل على اقتلاع تنظيم الحمدين، وأن نكثف استخدام كل أشكال وأنواع القوى التي في أيدينا في هذا المجال الذي نتفوق فيه على قطر تفوقًا واضحًا جليًا؛ وكما يقولون: (اللي تكسب به العب به)..
إلى اللقاء