القاهرة - طارق محيي:
قد تشهد بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 والمقرر إقامتها في روسيا يونيو المقبل، حدثًا تاريخيًا للمنطقة العربية، من خلال وجود خمسة منتخبات عربية في العرس الكروي الأبرز في العالم، لأول مرة في تاريخ المسابقة. ولم يحدث من قبل وجود أكثر من ثلاثة منتخبات عربية بأي من نهائيات المونديال الذي انطلق عام 1930، وكانت مصر أول العرب الموجودين فيه بنسخة 1934، حيث كان الظهور الأبرز للعرب في كأس العالم في نسختي 1986 بتأهل منتخبات «العراق والمغرب والجزائر»، و1998 بوجود منتخبات «السعودية والمغرب وتونس».
وكان المنتخب السعودي أول الفرق العربية التي حجزت مقعدًا في مونديال روسيا في العام القادم بشكل رسمي، بعدما خطفت بطاقة التأهل عقب الفوز على اليابان بهدف نظيف يوم الثلاثاء الماضي على ملعب «الجوهرة المشعة» في مدينة جدة. ونجح الأخضر السعودي في احتلال وصافة المجموعة الثانية للتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، بعدما جمع 19 نقطة، من الفوز ستة لقاءات، والتعادل مرة وحيدة، والخسارة في ثلاث مباريات، متفوقًا بفارق الأهداف فقط عن المنتخب الأسترالي الذي جاء في المركز الثالث للمجموعة، ليتأهل لخوض ملحق التصفيات.
ويعود الفضل في فوز المنتخب السعودي على اليابان، وحسم تأهله رسميًا لمونديال روسيا 2018، إلى لاعبه فهد المولد الذي سجل هدف الأخضر الوحيد من تسديدة قوية، لتنطلق الأفراح والأهازيج في كل مدن المملكة، احتفالاً بالوصول لكأس العالم، بعد غياب السعودية عن النسختين الماضيتين عامي 2010 و2014. وأصبح المنتخب السعودي بذلك، أكثر المنتخبات العربية ظهورًا في المونديال برصيد خمس بطولات، إِذ تمكن من التأهل لكأس العالم أربع مرات متتالية أعوام 1994 و1998 و2002 و2006، وكان أفضل إنجازاته في المونديال هو الصعود إلى دور الـ16 في نسخة عام 1994.
وفي تصفيات المونديال الجارية، تمتلك منتخبات «مصر وتونس والمغرب وسوريا»، فرصًا كبيرة للغاية في بلوغ المسابقة، ليكون كأس العالم 2018 النسخة الأبرز في تاريخ مشاركات العرب، من خلال وجود خمسة منتخبات عربية في الحدث العالمي. وأصبح المنتخب المصري على مشارف تحقيق إنجاز الوصول لكأس العالم، بعد غياب دام 28 عامًا عن آخر ظهور للفراعنة في المونديال الذي كان في نسخة عام 1990 في إيطاليا، حيث فشل المصريين منذ هذا العام في تسجيل حضورهم في البطولة الأهم في العالم.
حلم المصريين في ظهور علم مصر في بطولة كأس العالم، اقترب من أن يكون حقيقة، بعد النتائج الجيدة التي حققها الفراعنة في المرحلة النهائية من التصفيات، حيث تتصدر مصر حاليًا ترتيب المجموعة الخامسة من التصفيات القارية برصيد تسع نقاط، وبفارق نقطتين أمام منتخب أوغندا الوصيف، وأربع نقاط عن منتخب غانا صاحب المركز الثالث، فيما تأتي الكونغو في المركز الأخير برصيد نقطة وحيدة، قبل جولتين فقط من نهاية التصفيات.
ويتبقى لمنتخب مصر مباراتان فقط في تصفيات المونديال، حيث سيستضيف نظيره الكونغولي يوم 8 أكتوبر المقبل، قبل أن يسافر إلى غانا لمواجهة منتخب النجوم السوداء يوم 6 نوفمبر القادم في ختام مشوار التصفيات، وسيكون الفراعنة في حاجة لتحقيق فوز وتعادل فقط في المباراتين لضمان بلوغ المونديال، أو تحقيق فوز وحيد فقط في حال تعادل أو خسارة المنتخب الأوغندي في أي من مباراتيه القادمتين أمام غانا والكونغو أيضًا.
وسيلعب المنتخب الأوغندي مع نظيره الغاني في الجولة القادمة من التصفيات على أرض الأول يوم 7 أكتوبر المقبل، وفي حال انتهاء اللقاء بالتعادل أو بفوز منتخب غانا، ستكون الفرصة سانحة أمام الفراعنة لنشر الاحتفالات والأفراح في كل المحافظات والمدن المصرية، احتفالاً بتحقيق حلم المونديال الذي تأخر سنوات طويلة، في حال تحقيق الانتصار على منتخب الكونغو في اليوم التالي (8 أكتوبر) على أرضية ملعب برج العرب في الإسكندرية.
وسبق لمنتخب مصر التأهل مرتين فقط لنهائيات كأس العالم، عامي 1934 و1990، وتضع الجماهير المصرية آمالاً كبيرة في الجيل الحالي للمنتخب، وفي نجم الفريق محمد صلاح لاعب ليفربول الإنجليزي، تحت قيادة المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر، لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره.
أما المنتخب التونسي، فيمتلك حظوظًا كبيرة أيضًا لبلوغ المونديال الروسي، بعدما حقق تعادلاً ثمينًا خارج الديار مع منتخب الكونغو الديمقراطية بنتيجة 2-2، يوم الثلاثاء الماضي، في إطار الجولة الرابعة من المجموعة الأولى للتصفيات الإفريقية. منتخب تونس يتربع حاليًا على صدارة المجموعة الأولى للتصفيات القارية، برصيد 10 نقاط جمعهم من الفوز في ثلاثة لقاءات، والتعادل الأخير مع الكونغو، حيث يبتعد عن الكونغو الوصيف ومنافسه على بطاقة التأهل، بثلاث نقاط، فيما تأتي غينيا وليبيا في المركزين الثالث والرابع بر صيد ثلاث نقاط.
ويتبقى لمنتخب نسور قرطاج، مباراتين في التصفيات القارية، حيث سيلعب في ضيافة المنتخب الغيني يوم 7 أكتوبر القادم، قبل أن يستضيف المنتخب الليبي يوم 6 نوفمبر، إِذ يكفي تونس تحقيق فوز وتعادل في المباراتين، لضمان التأهل للمونديال. وسبق لمنتخب تونس المشاركة في نهائيات كأس العالم أربع مرات أعوام 1978 و1998 و2002 و2006، حيث كانت تونس أول منتخب إفريقي يحقق انتصار في المونديال، وكان عام 1978 على حساب المنتخب المكسيكي بنتيجة 3-1، ولكنه يظل الانتصار الوحيد لنسور قرطاج في تاريخ مشاركاتهم في كأس العالم.
أما المنتخب المغربي، تظل الفرصة سانحة أمامه لبلوغ المونديال القادم، وذلك رغم المنافسة الشرسة التي يواجهها في المجموعة الثالثة للتصفيات الإفريقية، من منتخبي كوت ديفوار والجابون. المغرب تحتل حاليًا وصافة ترتيب المجموعة برصيد ست نقاط، بعد التعادل الأخير مع منتخب مالي من دون أهداف في الجولة الرابعة، حيث تبتعد بفارق نقطة وحيدة خلف كوت ديفوار المتصدرة، فيما تأتي الجابون في المركز الثالث برصيد خمس نقاط، ثم مالي رابعًا برصيد نقطتين.
وسيلعب منتخب أسود الأطلس في الجولة القادمة من التصفيات على أرضه ووسط جماهيره في أكتوبر المقبل أمام الجابون، فيما ستلعب كوت ديفوار مع مالي، قبل أن يحل المنتخب المغربي في الجولة الأخيرة ضيفًا على المنتخب الإيفواري في نوفمبر القادم، في لقاء سيحسم بشكل كبير هوية الفريق المتأهل عن هذه المجموعة الحديدية. وسبق للمنتخب المغربي الظهور في مسابقات كأس العالم أربع مرات، أعوام 1970 و1986 بالمكسيك، و1994 في أمريكا، و1998 في فرنسا، حيث كانت أفضل نتائجه هي التأهل لدور الـ16 في مونديال 1986 كأول منتخب عربي وإفريقي يصل لهذا الدور.
أما الممثل العربي الأخير المنتظر تأهله لمونديال روسيا 2018، هو منتخب سوريا الذي واجه كل الظروف القاسية والصعوبات التي تمر بها بلاده، ونجح في المضي قدمًا بتصفيات المونديال، ليكون مفاجأة التصفيات الجارية. وفي الدقيقة 92 من زمن مباراة سوريا وإيران التي أقيمت الثلاثاء الماضي في طهران في إطار الجولة الأخيرة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، نجح عمر السومة في رسم البسمة الغائبة عن وجوه السوريين في كل أنحاء العالم، بعدما سجل هدف التعادل لمنتخب بلاده في وقت قاتل، لينتهي اللقاء بالتعادل بنتيجة 2-2، وتحافظ سوريا على حظوظها في بلوغ المونديال لأول مرة في تاريخها.
التعادل مع إيران، منح المنتخب السوري نقطة ثمينة، ليحتل المركز الثالث في المجموعة الأولى لتصفيات آسيا برصيد 13 نقطة وبفارق الأهداف عن أوزبكستان الرابع، حيث سيلعب المنتخب السوري في الملحق المؤهل للمونديال، إِذ سيواجه منتخب أستراليا «ثالث المجموعة الثانية»، على أن يلتقي الفائز من هذه المباراة، مع المنتخب صاحب الترتيب الرابع في تصفيات قارة أمريكا الشمالية.
الفوز على أستراليا، ثم التغلب على ممثل قارة أمريكا الشمالية، سيضمن للمنتخب السوري حجز بطاقة العبور لمونديال 2018، لأول مرة في تاريخ البلاد، وفي عام ما زالت تعيش فيه سوريا أوقاتًا صعبة للغاية بسبب الحروب والاضطرابات السياسية. العرب على موعد مع حدث تاريخي في مونديال روسيا 2018.. فهل تحدث النهاية السعيدة وتتمكن منتخبات «مصر وتونس والمغرب وسوريا» من السير على درب المنتخب السعودي لكي تتأهل لكأس العالم.