يوسف المحيميد
للمرة الخامسة نشارك في مونديال كأس العالم، فمنذ عام 1994 وعلى مدى أربع مرات متتالية كان الأخضر حاضرًا في كأس العالم، ومنذ عام 2006 توقف حتى هذا الأسبوع حينما لدغ اليابان في جدة، وعاد من جديد بعد الانقطاع عن مونديالين، وأهم ما في هذا التأهل أنه جاء بأسماء شابة طموحة، تذكرني التأهل لأول مرة، مع جيل ماجد وأحمد جميل وخالد مسعد وعبدالجواد والجابر وفؤاد أنور والهريفي وصالح النعيمة وسعيد العويران وغيرهم كثير، حينما كانوا وزملاؤهم يحرثون ملعب روبرت فرانسيس في واشنطن أمام الطواحين الهولندية، أو مباراة الحسم أمام بلجيكا، وهدف العويران الذي نقلنا للدور الثاني، وأصبح رجال الصحراء هم حصان المونديال الأسود!
لا أعرف كيف استعدت هذه الذكريات حينما شاهدت فهد المولد ورفاقه وهم يحترقون بحثًا عن نافذة مضيئة تقودهم إلى روسيا، حتى ولو من نافذة فارق الأهداف عن الأسترالي، وكأننا نقول للعالم، ما فعلناه في الولايات المتحدة قبل أكثر من عشرين عامًا، سنفعل أكثر منه في روسيا، فانتظرونا هناك، وهذا صحيح، وكلنا متفائلون، لكن ذلك يحتاج إلى عمل دؤوب وجبار، فلا بد أن نقدم بلدنا بصورة تدهش العالم، خاصة أننا بمواهبنا قادرون على ذلك، فقط نخطط ونعمل بجد وإخلاص، لأن فرصة الزخم الإعلامي في محفل عالمي كهذا فرصة عظيمة، لا يضاهيها شيء آخر، فما تفعله كرة القدم وجماهيرها في المونديال، مصحوبًا بمواقع التواصل الاجتماعي، سيحقق نتيجة رائعة، قد لا تحققها القنوات الفضائية ولا مئات الآلاف من الرسائل الإخبارية والتقارير الصحفية.
نحن بحاجة إلى تقديم أنفسنا كما نحن، تقديم صورتنا الحقيقية، صورة الشعب المبدع، والصديق والإِنساني، صورة الإنسان السعودي الطموح والمتسامح والمحب للآخرين، فنحن شعب قادر على تقديم نفسه بشكل رائع، شعب يمتلك المئات، بل الآلاف من المواهب في كل المجالات، كرة القدم والفنون والآداب، وهي كلها نسيج واحد لا يتجزأ... أتذكر قبل لقاء منتخبنا مع ألمانيا في مونديال 2002، اتصلت بي صحيفة ألمانية لكتابة مقال عن وطني، ومكوناته ومواهبه، فكتبت مقالاً نشرته على نصف صفحة، فلماذا لا نبادر إعلاميًا ونقدّم وطننا باعتداد، في الصحف الروسية، والصحافة العالمية أيضًا، فنحن لا ينقصنا الكتّاب والمفكرون والمبدعون، فقط نحن بحاجة إلى عمل منظم ومدروس، وتنفيذ جيد، لنكون في صدارة المشهد كما نحن، لا كما يقدمنا الآخرون بشكل مشوه وحاقد.