ياسر صالح البهيجان
اختراعات وابتكارات أنتجها مواطنون سعوديّون ظلّت حبيسة التجارب الفرديّة، وعجزت عن رؤية النور كمنتج متكامل يُطرح في الأسواق المحليّة والدوليّة، رغم أن عددًا منها استطاع حصد جوائز عالميّة في مجال الاختراع. نحن إزاء حالة هدر لمواردنا الإبداعيّة في ظل غياب الجهات التنظيمية، وضعف التمويل المالي للمخترعين، وقلة وعي المخترع بطرق تنمية ابتكاره، ومحدودية ثقافة المجتمع بأهمية دعم الموهوبين وتحفيزهم.
وجود جهة تنظيميّة تبني جسور تواصل بين المخترع والمستثمر تمثّل بوصة نجاحنا في الاستفادة من منجزات عقول المواطنين. والعمل المؤسسي والمنظّم كفيل بردم الهوة بين الأطراف، ومن شأنه أن يضع خارطة طريق نحو تحويل الابتكارات من كونها أفكارًا على ورق إلى واقع ملموس يُحدث نقلة نوعية في مجال الصناعة الوطنية لدينا، ونتحوّل من مجتمع اعتاد على الاستهلاك إلى كيان منتج ومصدّر للسلع والخدمات.
وغالبًا ما يصطدم المخترع بواقع غياب التمويل الكافي لابتكاره، وإلى من يتعاون معه في توفير المال اللازم لإتمام فكرته، ما قد يضطره إلى بيع الاختراع لجهة خارجيّة تمنحه حفنة من العائد المالي، بينما يجيّر الإنجاز لها، وتبدأ هي بتصنيعه في بلدها رغم أن الفكرة خرجت من عقل كفاءة وطنيّة كان الأجدر دعمها لتظل إنتاجًا سعوديًا يستحق أن نفتخر به.
والحقيقة أن المخترعين السعوديين يفتقدون إلى من يدلهم على الطريق نحو السوق، وكيفية تطوير اختراعاتهم لتناسب احتياجات المجتمع، وأعتقد بأن هذه مسؤوليّة المؤسسات التعليمية التي يقع على عاتقها مهمة التوعية والتثقيف، وعقد دورات متخصصة لهم لتنمية مهاراتهم التسويقيّة، وأيضًا هي مسؤولية وزارة التجارة المطالبة بإنشاء برامج تربط بين المخترع والتجار الراغبين في الاستثمار.
كما أننا نشدد على أهمية دور الأسرة في اكتشاف مواهب أبنائهم وتحفيزهم للابتكار، وعدم التقليل من شأن إبداعاتهم، وحثهم على الاتجاه نحو المراكز المتخصصة لاحتضان المخترعين رغم قلتها.
عقول السعوديين ثروة حقيقيّة للوطن، وتستحق من الجهات الحكومية والأهليّة دعم مساعيها في التطوير والابتكار، وتذليل العقبات أمامها، ما دمنا نتطلع إلى واقع اقتصادي مزدهر قائم على المعرفة، وما دام تطور المجتمعات يُقاس بإنتاجها وصناعتها ومدى احتفائها بمنجزات أبنائها الفكرية.