لبنى الخميس
أن تكتشف موهبة، ليس أن تجد عقلاً ثميناً وسط الزحام فحسب، بل أن تراهن على إمكانيات شخص شكك به الجميع.. أن تعيد له ثقته بنفسه، ليس بالربت على كتفه.. بل بالشد على يده.. أن تمنح الفرصة ليبدع ليس بوهبه مالاً، بل بمنحه منبراً.
أن تكتشف موهبة، يعني أن تنصت للحكاية، وتتسامح مع تواضع البداية، وتعطي شيئا من وقتك وخبرتك وزكاة علمك، لمن هم بحاجة له. كم من موهبة دفنت قبل أن تكتشف حولنا؟ حين سلبنا حاجتها للتعبير، وصادرنا حقها في التعثر، وقابلنا جمال صوتها بالصمت، وتفردها بالعطاء باعتيادية التلقي.
كن سخياً باكتشاف مواهب من حولك. بالإنصات والتسامح.. والدهشة.. فعالمنا بحاجة لهم.. وهم بحاجة لك.
ستتعرض خلال مسيرة حياتك للكثير من الآراء والقناعات.. وسيتطوع معظم من تقابلهم لمحاولة برمجتك بشكل أو بآخر.
سيفرضون عليك: أذواقهم في الجمال.. ومعاييرهم في الثراء.. ومقاييسهم عن النجاح.. وآراءهم في الحب.. وقناعاتهم في الدين والسياسة وو..إلخ.
سيعرفون الرجولة ويقيمون الأنوثة ويصنفون التدين ويقولبون الأمم والشعوب.
سيضعون مواعيد للفرح وأخرى للحزن، وسيسنون عمراً للارتباط والإنجاب والاستمتاع بالحياة، وسيخبرونك متى تتوقف ومتى تكمل.. متى تغضب.. ومتى تهدأ.. متى تحقد ومتى تصفح.
والنتيجة؟
لن يبقى سوى القليل أو الفتات منك. من أصالتك وإبداعك وعمق معنى وجدوى استخلافك في الأرض.
انتبه!! أن تتنازل عن دور البطولة الذي وهبك إياه الله سبحانه وتعالى وتقبل مسروراً ومبهوراً بدور «الكومبارس» الذي منحك إياه المجتمع.
بعض الأبواب لم تفتح لأنها ليست لك..
بعض الأشخاص رحلوا لأنهم صفحة وليسوا كتاباً..
بعض الأمنيات لم تتحقق لأن الوقت غير مناسب..
بعض الحكايات انتهت لأن قصتك لم تبدأ بعد..
بعض الفرص ضاعت لأنك بحاجة للخبرة أكثر من النجاح..
بعض الآلام طالت لأن السعادة بعدها أطول..
فلا تعبأ بالتوقيت.. بل حاول التقاط المعنى واستيعاب الدرس وإدراك الأثر.