د.عبدالعزيز الجار الله
أصبح الذي يشكل الضغط على محطة الجزيرة وبصورة أدق على العاملين في القناة هو التويتر ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني، هو الضاغط على العاملين وتعريتهم وتكذيبهم وتكذيب القناة، وأيضًا مساحة لعرض الحقائق، وكشف السير الذاتية وتاريخهم المهني، يمارس نفس أسلوب الجزيرة حين كانت تتحدث عن مشكلاتنا باستخدام عبارات الجزيرة الشهيرة والمظللة: الالتزام بالمهنية، عدم تجاوز المعايير في الطرح، المكاشفة والشفافية، التقيد بالقيم الأخلاقية، الواجب المهني، أخلاقيات المهنة، ميثاق شرف العمل الإعلامي. هي (كلمة حق أريد بها باطل) العبارة التي استعملت كثيرًا في احتلال العراق للكويت، عندما كان العراق يطلق تبرراته لتأكيد حقه في الاحتلال البغيض لدولة خليجية واعتبارها المحافظة 19 ظلمًا وعدوانًا.
من أقوى الأسلحة أن تحارب خصمك بنفس سلاحه، والآن الدوائر تدور على قطر وتشرب من نفس كأس السم التي كانت تجرعنا إياه يوميًا نحن شعوب الخليج، عندما تطلق فريقها الإعلامي يهاجمنا بكل قسوة ويجلدونا بلا هوادة ويوغلون في الإذاء والابتذال والصلافة ولا نقوى نرد، وقتها الجزيرة ترفع شعار الحرية الإعلامية الديمقراطية والشفافية، كنّا نجلد بالسياط تحت مظلة الشفافية.
اليوم انقلب السحر على الكاهن والمشعوذ وأصبح المستبد مطلوبًا والعسكري المدجج بالسلاح أصبح مطاردًا تعصف به رياح الخليج ولا يجد مأوى، وكل إعلامي يعمل في الجزيرة كان في يوم من الأيام جلادًا الآن يبحث عن أي تجويف يحتمي به فالفضاء المفتوح والشعوب التي تجرعت ويلات الإهانة الشخصية والمجتمعية ستطارده بحثًا عن رد الاعتبار وبنفس السلاح المحاصرة الإعلامية وتعريته أمام الناس بالتشويه والوخز المستمر والضغط على الأنفاس.
محطة الجزيرة تشهد نهاياتها وتمنيت أنها لم تكن من شروط دول المقاطعة العربية، ويفتح المجال الشامل والممنهج لمجتمعات الرباعية في الرد والحرب الإعلامية بكل أسلحتها، لأن محطة الجزيرة حربها معنا لا أخلاقية فهي تتعمد ودائمًا التقليل من المواطن الخليجي ووصفه بالمهرج الذي يحتال في سلوكه وأنه ابن نفط لا يستحقه، وأنه مثل زبد البحر، وأحجار البحر المالحة، والكلس المصفر على صخور بريه عطشى، ينظرون إلينا كأننا كائنات إحفورية لا نستحق زيت باطن الأرض، وأنهم عرب الصحراء مازالوا في زمن النوق وقصائد عنترة بالجواء وأخاديد الأرض.
قطر ما زالت تعتقد أن قناة الجزيرة تأوي إليها أعين الناس صبح مساء، وهي تعلم أو لا تعلم أن الناس غيرت من عاداتها وأصبح لكل مواطن إعلامه ووسائله وأدواته يحمله في جيبه فنجهل فوق جهل الجاهلينا.