حائل - خاص بـ«الجزيرة»:
كشفت دراسة علمية أن المبتلين بالوقوع في الغلو في العصر الحديث يتميّزون بفقد العلم الشرعي أو قصوره، وينصبّ اهتمامهم على الدعوة، وذخيرتهم فيها الحماس والغيرة دون العلم الشرعي.
وأوصت الدراسة المعنونة بـ«معالم الانحراف في منهج جماعات الغلو» التي أعدها الدكتور أحمد بن جزاع الرضيمان أستاذ العقيدة المشارك في جامعة حائل أوصت بنشر العلم الشرعي وتكوين هيئات علمية، وما يسمى بالجامعات المفتوحة، ومراكز خدمة المجتمع في الجامعات الإسلامية، ليدرس الشباب العلم الشرعي، وتعقد لهم الدورات الشرعية التي يقوم عليها علماء أكفياء ذوو ثقة في حسن المعتقد، وحسن الأخلاق، مشيرةً إلى أنّ المتأمّل في مظاهر الغلو الموجودة في العصر الحديث يتبيّن أنّ تلك المظاهر خارجة عن مذهب أهل السنة والجماعة وعن المعتقد الشرعي الصحيح. وعليه فإنّ نشر العقيدة الصحيحة، وتدريسها في المدارس والجامعات والمساجد، وتدارس أهل الدعوة لها، ووضعها ضمن مناهجهم، يحقق للمجتمع المسلم الحصانة من الغلو.
وأكّدت الدراسة على ضرورة إبراز مكانة العلماء الراسخين حيث أنّهم ورثة الأنبياء، فهم مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، ومن الأهمية بمكان إبراز مكانتهم، وربط الشباب بهم، وعدم تهوين شأنهم في النفوس، كالقول إنهم جهّال في الواقع، أو علماء سلاطين، أو علماء حيض ونفاس، ونحو ذلك من العبارات التي يراد منها التنفير منهم.
بل الواجب أن يصدر الشباب عن توجيهاتهم، فهم أهل الثقة والعلم، وقد استشهد الله بهم على أعظم مشهود، وهو التوحيد، وقرن شهادتهم بشهادته تعالى وشهادة ملائكته، فقال تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وشدّدت الدراسة على الردود والحوارات الواسعة مع جماعات الغلو، حيث إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنّ أسلوب المحاورة مع الغلاة ودحض شبههم ورد افتراءاتهم، إذ ردّ عليه الصلاة والسلام على ذي الخويصرة بقوله: (ويحك من يعدل إن لم أعدل). كما عمل به صحابته رضوان الله عليهم؛ فحاور علي بن أبي طالب الخوارج، وحاورهم عبدالله بن عباس، ولذلك فإنّ أسلوب الحوار ناجح في معالجة تلك الجماعات أو من يقعون فريسة لأفكارهم.
وأبانت الدراسة البحثية في ختام نتائجها أن الإسلام دين العدل والوسطية، لذلك فإنه ينهى عن الانحرافين: الغلو، والتقصير، والإفراط، والتفريط، وأنّه دين اليسر، فهذه هي سمته الواضحة، وعلامته الفارقة، كما أنّه دين التيسير، ولذلك أمر بالتيسير على الناس والرفق بهم واللين في دعوتهم. ونبّهت الدراسة إلى عِوَج المنهج الذي استخدمه الغلاة للوصول إلى آرائهم. حيث تبيّن ذلك المنهج وانحرافه ممّا أدّى إلى انحراف النتائج، وأنّ وجود الغلو في الأمة لا يخلو منه زمان، ولكنّه يتّسع ويضيق بحسب العوامل والأسباب المؤدية إليه، وأنّ من أهم معالم الانحراف اتّباع الأهواء، والجهل، واتخاذ الدين مطيّة للوصول إلى مآرب سياسيّة، ومصالح شخصيّة، مع جناية الغلاة على الشريعة، ولكن بحمد الله تعالى لا تزال طائفة من أهل العلم والفضل ينفون عن دين الله تعالى تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.