موضي الزهراني
لقد كانت قضايا «أطفال النزاع الأسري» من أشد قضايا العنف الأسري ألماً على العاملين في مجال الحماية الأسرية، حيث يتم التنازع بين الأبوين قضائياً بعد مايتعرض الطفل لأنواع مختلفة من الإيذاء بسبب انفصالهما، ويتجه أحدهما للتبليغ من خلال مركز البلاغات 1919 ضد الآخر مطالباً بإثبات أحقيته بالحضانة والرعاية من خلال دراسة الوضع الأسري والنفسي والصحي للمتنازع عليه، والاستفادة من تلك الدراسة التي تقوم بها الأخصائيات الاجتماعيات والنفسيات في وحدات الحماية الاجتماعية لتقديمها للقاضي ناظر القضية. وكثير من القضاة- ولله الحمد- بعد اطلاعهم على هذه الدراسات يحكمون لصالح المحضون من أجل حمايته واختياربيئة الحاضن المناسبة له. لكن الجانب الأكثر مرارة هو تنازع الأبوين على أبنائهم الذين تجاوزوا سن (18) وخاصة الفتيات! حيث ترتفع حدّة المطالبات القضائية والمنازعات الأسرية بين الأبوين يصل مداها لتعرض الفتاة للإيذاء الشديد وذلك عندما تختار أحدهما دون الآخر! مما قد يدفع كثيرا منهن للهروب من المنزل والتعرض لمخاطر خارجية أخرى، ولجهلهن بكيفية المطالبة بحقوقهن الشرعيّة، تتطور للأسف الشديد قضيتهن من المستوى الأسري إلى المستوى الأخلاقي، مما يتسبب في تعرضهن للعقوبة القانونية، والسبب هو تنازع الأبوين على حضانتهن! والأكثر قسوة أيضاً على الفتيات الرافضات العيش مع آباء لايستحقون صفة الأبوة لعدم قيامهم بواجباتهم الأبوية تجاه أسرهم وبناتهم بالذات، فإنه يتم اتهامهن بالعقوق واستدعاؤهن في المحاكم بتلك التهمة، والتي تنتهي غالباً بعقوبة السجن لو استمرت الفتاة في رفضها، أو الاستسلام لمطالبة والدها بالعيش تحت رعايته رغماً عنها! ومايؤدي إليه ذلك من سلسلة متوالية من الأحداث المأساوية التي تتعرض لها تلك الفتاة، وتستمرتلك المنازعات الأسرية لسنوات لايدفع ثمنها إلا الأبناء! ولكن عندما أصدرت مؤخراً وزارة العدل مشكورة توجيهاً للمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف القاضي «بحق الفتاة البالغة باختيار من تقيم معه من والديها في حال انفصالهما، وأنه لاحضانة على الفتاة البالغة إذا تقدم أحد والديها مطالباً بحضانتها « لأن الحضانة للأطفال تحت سن 18 والذي أقره نظام حماية الطفل، فإنها بلاشك ستحقق بهذا القرار العدلي حماية لكثير من الفتيات اللاتي يتم اتهامهن بالعقوق، وعقوبتهن بالسجن ظلماً، وذلك بسبب اختيارهن العيش مع أحد الأبوين دون الآخر واذي يشعرن معه بالأمان العاطفي والحماية النفسية! ولذلك لا بد أيضاً من تأكيد هذا الحق الشرعي بأنه « لاحضانة على البالغات « عبر الجهات الحقوقية والاجتماعية للحدّ من ازدياد قضايا العقوق في محاكمنا!