هاني سالم مسهور
على إثر دعوة المخلوع صالح لأنصاره الاحتشاد في ميدان السبعين إحياء لذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام الخامسة والثلاثين تفجرت الخلافات بين طرفي الانقلاب واتخذت مليشيات الحوثي خطوات تصعيدية تجاه المخلوع صالح وأنصاره وصلت لحدود المواجهات المسلحة وانتشار للحوثيين في جنوب العاصمة صنعاء بل إنهم ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك بالانتشار في مديرية سنحان معقل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، كل هذا يأتي في سياق مفهوم عند اليمنيين في خلافاتهم السياسية تصعيد في مقابل التصعيد، وتحشيد في مقابل التحشيد، لكن هناك تحول حدث بنشر الحوثيين لمئات الشعارات الطائفية الشيعية والتي تدعو إلى الإمامة فماذا يريد الحوثيون؟
منذ انقلاب الحوثي على الشرعية السياسية التي يمثلها الرئيس عبدربه منصور هادي في 21 سبتمبر 2014م لم يجرؤ الحوثي على تجاوز يوم ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962م فلقد كان يحافظ على شعرة معاوية مع حلول تلك المناسبة، فلقد كان الحوثيين يعتبرون أنفسهم أنهم امتداد للجمهورية ولطالما أغرقوا الإعلام بأنهم دعاة للدولة المدنية وما مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني إلا اعتراف بالنظام الجمهوري اليمني، غير أنهم ونتيجة هزائمهم في كل الجبهات العسكرية وانحسار مناطق سيطرتهم بعد ثلاثة أعوام من الانقلاب على أقل من 20% فقط من مساحة الجمهورية اليمنية، فلم يجدوا سوى الاتجاه نحو إقامة دولة الإمامة لفرض واقع الأرض على كل الأطراف وإنجاز المشروع الإيراني فيما بقي من أرض تحت سيطرتهم.
كما فعل حزب الله في جنوب لبنان يسعى الحوثيون لتكراره في شمال اليمن، غير أن ما يفعله الحوثيون في ثلاثة سنوات كان حَرقاً لمراحل طويلة خاض فيها حزب الله اللبناني وحتى النموذج الآخر الحشد الشعبي العراقي، فطي كل المراحل وفرض الوقائع على الأطراف اليمنية سواء كانت مذهبية أو قبلية أو سياسية أو حتى في النطاق المدني وبهذه السرعة لا يعني فقط إسقاط ما تبقى من نظام الجمهورية العربية اليمنية ولا حتى استعادة تركة المملكة المتوكلية، فالمقصد هو إنشاء دولة تحت قيادة الولي الفقيه على أن يكون عبدالملك الحوثي مندوباً له في اليمن.
من الواضح أن الحوثيين يحاولون إحداث تحول في جذور اليمن عبر إلحاقه بالإيرانيين غير عابئين بما يمثله اليمن من عمق عربي أصيل، وأن هذا التحوير لعروبة اليمن سيصيب المجتمع بمزيد من التفكك والتشرذم الداخلي فلن تقبل العديد من القبائل حتى تلك الموجودة في صعدة الخضوع والانسياق إلى خارج أعرافها وتقاليدها، (قد) يرى البعض أن هذا التحدي سيكون قادماً لا محالة غير أن الأهم هو الرهان على مقومات الإنسان اليمني على هزيمة عملية التحوير التي يريدها الحوثيون باليمن.
التمسك باليمن كنظام جمهوري مسألة تحتاج إلى عمل جاد من كل المستويات سواء كانت نخبوية أو شعبوية فاليمن قادر على أن يتجاوز الخطر المحدق به خصوصاً وأن الحوثي لم تعد لديه خيارات نحو إسقاط ما تبقى من الجمهورية وطي ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن، فالحوثيون لم يعودوا ينتمون إلى المذهب الزيدي بل انتقلوا إلى المذهب الاثنى عشري عملياً وباتت دعوتهم لولاية الفقيه مُعلنة، التضاد مع قيمة اليمن وعروبته ستسقط ذلك التهديد إن تعامل اليمنيين كعرب مناهضين للمشروع الفارسي الدخيل على بلادهم وتراثهم.