«الجزيرة» - المحليات:
كرّمت منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية يوم الأربعاء الماضي 22-12-1438هـ الموافق 13 سبتمبر 2017م صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تقديراً لدور سموه في دعم وتنمية الحركة السياحية، وتغيير وتطوير نظرة المجتمع للسياحة والتراث، ودعم جهود وبرامج منظمة السياحة العالمية.
وسلم نائب رئيس الوزراء الصيني ومعالي الدكتور طالب الرفاعي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية الدرع التكريمية لسموه بحضور أكثر من 1100 مسؤول و75 وزيراً يمثلون 132 بلداً حول العالم، ضمن اعمال الدورة 22 للجمعية العمومية لمنظمة السياحة العالمية التي انعقدت في مدينة شنغدو بجمهورية الصين الشعبية.
ويمثل هذا التكريم إنجازاً سعودياً حيث تقرر منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة تكريم شخصية سعودية وبشكل استثنائي حيث لم يسبق أم كرمت المنظمة شخصية أخرى في السابق.
كما يمثل هذا التكريم تتويجاً لمسيرة الأمير سلطان بن سلمان العملية ونجاحه في قيادة هذا القطاع، ونهجه الإداري الذي أكد في عدد من كلماته تأثره بالنهج الإداري لوالده الملك سلمان (حفظه الله ورعاه) الذي يمثل مدرسة إدارية كبيرة، وقد أشار سموه إلى أنه تعلم من مدرسة سلمان الاهتمام بالأساس وتركيز الجهد على وضع الأسس والبناء غير الظاهر للناس، وانتهاج الدقة والتنظيم في هذا البناء الإداري ليكون بناء قوياً يعتمد عليه.
وقد أكد سموه في أحد تصريحاته الصحفية أن هيئة السياحة أسست منصة كاملة لصناعة اقتصادية جديدة، بعد أن اشتغلت بمراحل مهمة للتأسيس لم تكن واضحة لدى المواطنين، وهذا ما تعلمناه من الملك سلمان حفظه الله، الذي كان دائماً ما يؤكد عن التأسيس الذي لا يراه الناس، فالرياض حظيت ببنية ومشاريع تحتية لم يرها الناس؛ ولذلك أصبحت الرياض مدينة قابلة للنمو بشكل سريع كما تراها اليوم.
البدايات الصعبة
تولى الأمير سلطان بن سلمان رئاسة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منذ تأسيسها عام 1421هـ، وكان متردداً في البداية في قبول المهمة (كما ذكر سموه في أحاديث صحفية) انطلاقاً من صعوبة هذه المهمة في تأسيس قطاع جديد كان يعاني من تشتت أنشطته وعدم وجود أنظمة ولوائح تنظمه، إضافة إلى النظرة السلبية المنتشرة لدى شرائح واسعة في المجتمع تجاه السياحة، إلا أنه قبل المهمة الصعبة ليبدأ في اختيار مستشارين يشاركونه العمل في تأسيس قطاع جديد من الصفر.
وتمكنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال هذه الفترة من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعاً اقتصادياً كان من الممكن أن يؤدي دوره في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة لو حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث.
وخلال هذه الفترة تضاعف إسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار ريال في نهاية عام 2016م
وتجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة خلال عام 2016م 47.5 مليون رحلة.
وعن بدايات الهيئة يقول سموه: «بدأت الهيئة صغيرة، وبأحلام وتطلعات وطموحات كبيرة، وحققت ولا تزال تحقق إنجازات كبيرة ومتسارعة، منوهاً بدعم ورعاية قيادات الدولة الذين عاصروا تأسيس الهيئة، الملك فهد والملك عبدالله والأمير سلطان والأمير نايف بن عبدالعزيز «رحمهم الله»، وبدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» الذي كان ملهماً وعوناً وهو قائدنا الآن وأكثر الحريصين على ربط المواطنين ببلادهم.
ولفت الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة مؤسسة تشرف على أكثر من 22 قطاعًا في كثير منها غير متجانس ولكنها تصدت لهذه المهمة بعقل وروية وهدوء مع كل الضغوط فيما يتعلق بالموارد البشرية أو بالإمكانات المالية، إضافة إلى تركيزها على الشراكة مع الجهات الحكومية وانتهاجها لاتفاقيات التعاون التي صارت نموذجاً احتذته عديد من الجهات الحكومية، كما اعتمدت برنامجاً متطوراً لإحداث نقلة عميقة في قطاعات السياحة وإعادة هيكلة وتنظيم الصناعة جذرياً، وإعداد استراتيجيات وخطط للتنمية السياحية على المستوى الوطني والمناطق».
كما أن الهيئة عملت منذ سنوات لتأسيس قواعد متينة لصناعة اقتصادية كبيرة، وهو ما جعلها جاهزة ومهيأة لبرنامج التحول الوطني من خلال برامجها ومبادراتها التي وجد البرنامج أنها جاهزة للانطلاق، وتحقيق التنمية السياحية التي يتطلع إليها المواطن.
وتميز الأمير سلطان بن سلمان بحرصه الكبير على التواصل مع المواطنين وزيارتهم في مناطقهم وإشراكهم في ورش العمل التي تنظمها الهيئة قبل إصدار أي تنظيم أو برنامج، ويقوم بزيارات متعددة طوال العام للالتقاء بالمواطنين وزيارتهم في مواقعهم والاستماع إلى ملاحظاتهم ومطالبهم.
ثقل دولي وإقليمي
يمثل الأمير سلطان بن سلمان ثقلاً دولياً مهماً في قطاعات السياحة والتراث، ويحظى باحترام وتقدير وزراء ومسؤولي السياحة في العالم الذي يسعون إلى لقاء سموه في الملتقيات السياحية أو زيارته في مقر الهيئة بالرياض.
وتعتمد منظمة السياحة العالمية على آرائه في الكثير من القرارات والمبادرات التي تنفذها، حيث ركزت المنتظمة بدعم من الأمير سلطان على البرامج والمبادرات المتعلقة بالتوظيف وزيادة فرص العمل وتوسيع العمل في مواقع التراث.
كما عمل سموه على الاستفادة من خبرات المنظمة الدولية في دعم برامج السياحة السعودية وخاصة في مجالات الدراسات والتدريب، وكانت المملكة الدولة الأولى عالمياً في التعاون مع منظمة السياحة العالمية، كما أن المملكة تمثل منطقة الشرق الأوسط إضافة إلى مصر في المجلس التنفيذي للمنظمة.
وفي المجال العربي، كان للأمير سلطان بن سلمان الدور الرئيس في تأسيس منظمة السياحة العربية التي يمثل رئيسها الفخري، وعمل على دعم برامج وأنشطة المنظمة في تأسيس منظومة من برامج التعاون والشراكة بين الدول العربية في مجال السياحة، ودعم الأنشطة والاستثمارات السياحية في الوطن العربي.
كما تبنى سموه تشكيل المجلس الوزاري الخليجي للسياحة واعتماد (الرؤية الشاملة للعمل السياحي المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي)، وتبنى سموه مبادرة لربط السياحة بالتراث على مستوى وزراء السياحة والتراث في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى المستوى العربي.
وطالب سموه بربط بين السياحة والثقافة والتراث لوضع أسس للهوية الوطنية وربط الشباب ببلادهم وتاريخهم وتعزيز الانتماء لهويتهم، وعمل في عقد لقاء سنوي للمسؤولين عن السياحة مع نظرائهم المسؤولين عن الثقافة بهدف رسم أطر الهوية الوطنية العربية وتعزيزها.
تأسيس قطاع منظم
كان للأمير سلطان بن سلمان الدور الرئيس في تأسيس صناعة السياحة في المملكة، ووضع الأنظمة الحكومية التي شكلت البنية النظامية للقطاع بعدما كان يعاني من التشتت، والتي بدأت باستراتيجية التنمية السياحية التي أقرتها الدولة عام 1425هـ، وكانت لجهوده الحثيثة الأثر في استصدار قرارات حكومية تتعلق بدعم قطاع السياحة والتراث الوطني، وتمويل القطاع، وتأسيس شركات وطنية سياحية وتراثية، إضافة إلى تعزيز قطاعي المعارض والمؤتمرات وقطاع الحرف اليدوية من خلال برنامج مستقلين، وتنظيم وتطوير الخدمات السياحية من خلال تصنيف وتنظيم قطاعات الإيواء والسفر والسياحة، وتطوير الفعاليات السياحية.
واهتم بدعم المستثمرين في القطاع وتعزيز الشراكة معهم انطلاقاً من منهج الشراكة الذي تميزت به الهيئة من القطاعين الحكومي والخاص والمواطنين، وتوجهت جهود دعمه للمستثمرين بتأسيس الجمعيات المهنية السياحية التي تعد الأولى من نوعها في المملكة.
وفي مجال التراث الوطني كان الإنجاز الأبرز لسموه هو جهوده الملموسة في تغيير مفاهيم المجتمع المتعلقة بالتراث سواء في مجال الآثار أو التراث العمراني، وتغيير نظرة الشك إلى نظرة اعتزاز وانتماء، وإيمان بأهمية التراث في تعزيز الهوية الوطنية وتحويل القطاع إلى قطاع اقتصادي منتج.
وانتقل بقطاع الآثار بمجالاته المختلفة إلى مرحلة جديدة بعد ضمه للهيئة في عام 1429هـ ليحقق نقلات نوعية في مجال الكشوفات الأثرية والبحث العلمي الأثري، وتطوير المتاحف حيث تشهد مناطق المملكة منظومة من المتاحف المطورة والجديدة تصل إلى 11 متحفًا إضافة إلى المتاحف المتخصصة.
ومن الإنجازات المهمة لسموه تبني تسجيل مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو التي وصلت حتى الآن 4 مواقع، إضافة إلى موافقة المقام السامي على تسجيل 10 مواقع يجري حاليًا العمل على تسجيلها في القائمة الدولية.
وتعد معارض الآثار من أبرز إسهامات الأمير سلطان بن سلمان وعلى رأسها معرض روائع آثار المملكة الذي طاف 12 متحفاً عالمياً في مدن أوروبية وأمريكية وآسيوية، وكان له دور بارز في التعريف بتاريخ المملكة وحضاراتها المتعاقبة.
وفي مجال التراث العمراني أسس سموه مركزاً متخصصاً للتراث العمراني مرتبطاً بالهيئة تولى مسؤولية الإشراف على حماية وتأهيل مواقع التراث العمراني، وأنتجت الشراكة الفاعلة بين الهيئة وأمانات المناطق والمجتمعات المحلية بدعم الأمير سلطان عدداً كبيراً من مشاريع تأهيل مواقع التراث العمراني.
وأولى الأمير سلطان اهتمامًا بقطاع الحرف اليدوية أدى إلى إنشاء برنامج حكومي للحرف والصناعات اليدوية (بارع) قام بتنظيم القطاع ووضع برامج ومشاريع لتطويره.
جوائز عالمية
وتقديراً لجهوده وإنجازاته في مجال السياحة نال الأمير سلطان بن سلمان عدداً من الجوائز إضافة إلى الجوائز العديدة التي حصلت عليها الهيئة، ومن أبرز الجوائز التي نالها الأمير سلطان بصفته الشخصية جائزة رجل عام 2003م في تقنية المعلومات بالمملكة (مجموعة نشر وتقنية المعلومات شركة ITP 1425 - 2004، جائزة القيادة في المجال الفندقي من مؤتمر الاستثمار الفندقي العربي 2014م بدبي. كما تقلد الأمير سلطان بن سلمان وسام (الملك ليوبولد) الرفيع من قبل السفير البلجيكي لدى المملكة السيد مارك فينيك نيابة عن ملك بلجيكا الملك فليب في 2015.