«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كبار وشباب وحتى صغار، ومن كلا الجنسين، تجدهم يرددون أحيانًا: (أنا تعبان). والغريب أنك تجد أحد الأبناء أو زملاء السفر أو حتى من يشاركك العمل يردد ذلك وهو يتثاءب، أو تشعر بأن جسده هامد، وحركته كسولة، وتكاد تشعر أنه خائر القوى، كأنه دخل معركة حربية أنهكت قواه، أو كان طوال ليلته يتابع الأفلام والمسلسلات، ولا ينام حتى لا يفوته مشهد ما في هذا الفيلم أو ذلك المسلسل. والشعور بالتعب أو الإحساس بالإرهاق يؤدي عادة إلى قلة إنتاج الموظف وعطائه في عمله، بل تجده يمارس هذا العمل مهما كان نوعه بصورة فاترة، وبنفس - كما يقول البعض - (شينة).
وما أكثر النفوس (الشينة) في مواقع العمل في بلادنا وغير بلادنا. وحظه سيئ من ترميه الأقدار أمام موظف ممن يعانون من هذه الظاهرة. والشعور بالتعب بات ظاهرة معاشة في العالم، وفي كل وقت، بل إنه أصبح أحد الأمراض الشائعة التي تسبب خسارة كبيرة لأصحاب العمل العامة والخاصة. ويقسم الأطباء الشعور بالتعب إلى نوعين: نوع ينتج من بذل جد كبير، ويزول عندما نأخذ قسطًا من الراحة طويلة أو قصيرة، حسب الظروف. ونوع يأتي نتيجة لمرض ما أو اضطراب عضوي في وظائف أحد أعضاء الجسم. والمستشفيات في بلادنا والخارج تغص بالمئات من المراجعين الذين يشكون ويعانون من ظاهرة (أنا تعبان). وأذكر عندما كنت أعمل (فني صيدلة) بمستوصف المبرز بالأحساء قبل 4 عقود كان طبيب المستوصف يكثر من صرف أمبولات (B12) لبعض المرضى الذين كانوا يشكون من التعب، وأجسامهم مهدودة. والعجيب أن بعضهم يكاد يقبل رأس الطبيب «يوسف» ليصرف له هذه الأمبولة التي ما هي إلا مجموعة من الفيتامينات المقوية.
وقد يدهش القراء الأعزاء لو قلت إن بعضهم حال حقنه بهذه الأمبولة تجده يكاد يخرج من غرفة الضماد راكضًا والسعادة والحيوية واضحة على ملامحه.
وهذا يعني أن الشعور بالتعب في الكثير من الأحيان ما هو إلا عامل نفسي، ووهم ترسب داخل نفوس البعض، إضافة إلى نقص في فيتامينات جسم البعض، وعدم تناول الطعام الصحي المتكامل والمتوازن.
ولا شك أن هناك حالات مرضية يعرفها الأطباء جيدًا، تؤدي إلى الشعور بالتعب، مثل أمراض الكبد أو هبوط الضغط.
وقد يدهش القارئ العزيز لو علم أنه كلما زاد ذكاء الإنسان وثقافته اشتدت وطأة هذا اللون من التعب عليه نتيجة لارتفاع معدلات الذكاء والثقافة ورهافة الحس؛ ما يؤثر على مراكز المخ العليا لديه، كما جاء في مجلة (باجنت). وفي دراسة لجامعة جورجيا أن الأشخاص الذين يمارسون نشاطًا رياضيًّا ولو بسيطًا هم أقل تعبًا من غيرهم، بل الأكثر نشاطًا؛ لذلك ينصح الأطباء بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحركة، بما يساعد القلب والرئتين على العمل بصورة فاعلة وبكفاءة؛ إذ يقدمان الأكسجين والمغذيات الحيوية للجسم. ومن الأهمية أن يمارس المرء الذي يشعر بالتعب المشي بخطوات سريعة؛ فسوف يشعر بعد ذلك باليقظة والحيوية. فهل نفعل ذلك؟