يوجد في بلادنا الغالية عدد كبير من القرى والمراكز التي تتبع إدارياً إلى المحافظات والمناطق القريبة منها. ومنذ عقود مضت كانت هذه المراكز والقرى تفتقر إلى الخدمات الرئيسة، كالتعليم والرعاية الصحية والكهرباء والطرق المعبدة وغيرها من الخدمات. إلا أن هذه القرى والأرياف الجميلة قد نالت نصيباً من التنمية في فترة النهضة الاقتصادية التي شهدتها جميع مناطق المملكة العربية السعودية منذ خطة التنمية الأولى عام 1389هـ وحتى يومنا هذا. ومما لا شك فيه أن الحكومة السعودية بذلت ولا تزال تبذل جهوداً عظيمة في مشاريع التنمية من خلال ربط القرى والمراكز والأرياف بالمدن الرئيسة وإيصال الخدمات الأساسية لها حتى باتت هذه القرى مقصداً ووجهة للسياحة الداخلية في بلادنا.
وبما أن التنمية هي عملية مستمرة وحالة تتطور وتتقدم ولا تتوقف عند حد معين، فإن القرى الصغيرة والمراكز الإدارية تكون كذلك في حاجة مستمرة لديمومة التنمية ووصول الخدمات الحديثة والمشاريع التنموية لتبقى قائمة على الأرض وتعج بالحركة والنشاط والتغيير. فبعض القرى في بلادنا تتميز بموقع وطبيعة جغرافية جاذبة للسياحة وقابلة لتنفيذ مشاريع تنموية ذات كلفة أقل، حيث لا توجد حولها سلاسل جبلية كبيرة أو كثبان رملية أو مناطق أخرى ذات طبيعة وعرة قد تعيق عملية شق الطرق وبناء الجسور وإيصال الخدمات. وعلاوة على توفر المناخ المعتدل في بعض هذه القرى والأرياف نجد أنها تحتضن آثاراً تاريخية لا تزال باقية رغم مرور مئات السنين ولكنها بحاجة إلى إعادة النظر في إمكانية تطويرها والاستفادة منها في تشجيع السياحة الداخلية. ومن هذه المناطق على - سبيل المثال لا الحصر - مركز أم الدوم الذي يبعد عن مدينة الطائف بنحو 160 كم، وهي منطقة كبيرة تضم عدداً من القرى الصغيرة والهجر ويتوفر فيها آبار المياه الجوفية والمزارع وتشتهر بأشجار الدوم التي تمتاز بثمار الدوم الغنية بالعناصر المعدنية والفيتامينات، وتصنف علمياً بكونها أحد أنواع الأشجار المعمرة في العالم.
وفي هذه المنطقة يوجد معلم أثري تاريخي يعرف باسم فوهة الوعبه ويطلق عليه محلياً اسم «مقلع طميه»، وهو عبارة عن حفرة عميقة جداً في الأرض بقطر دائري يبلغ نحو 2000 متر ويصل عمقها إلى نحو 220 متر عن مستوى سطح الأرض المحيطة بها. وتقع الوعبه على بعد 6 كيلو مترات شمال قرية حفر كشب و30 كيلو متر شمال مركز أم الدوم.
لا شك أن الحكومة السعودية تولي اهتماماً بالغاً وعناية فائقة بتطوير القرى والمراكز الريفية والهجر التابعة لها من حيث إيصال الخدمات وتطوير الموجود منها لا سيما أن عدد السكان في تزايد مستمر وبالتالي يتطلب الأمر مواكبة الزيادة في عدد السكان والاستفادة من الآثار التاريخية والطبيعة الجغرافية وإعداد الدراسات للبيئة الجغرافية من أجل رسم الخطط التنموية وتقديم أفضل التوصيات التي من شأنها دفع عجلة السياحة الريفية إلى الأمام بما ينسجم ويتفق مع سياسة تنويع مصادر الدخل وتوسيع قاعدة البحث عن مواقع أكثر جذباً للسياحة الداخلية في المملكة.
كما أن تطوير وزيادة الخدمات في جميع القرى والأرياف سوف يسهم في الحد من الهجرة إلى المدن الرئيسة، وبالتالي ردم الفجوة الكبيرة في التوازن السكاني بين القرية والمدينة وما ينتج عن ذلك الخلل من توقف لحركة النشاط التجاري في هذه المناطق بسبب تناقص نسبة السكان المحليين فيها وابتعادهم عنها للبحث عن أماكن تتوفر فيها الخدمات الأساسية بشكل أفضل وأشمل. ويلاحظ أن كثيراً من هذه القرى والمراكز تكون بحاجة ماسة إلى إيجاد مخططات سكنية حديثة حول القرى لاستيعاب الأعداد المتزايدة للسكان والقضاء على ظاهرة التملك بطريقة (وضع اليد) وفك الاختناق العمراني الناجم عن عمليات البناء العشوائي سابقاً. وما أن يتم هذا التوسع في القرية حتى يكون من المناسب تصنيفها أو انتقالها من صفة قرية أو مركز إلى صفة مدينة جديدة.