اتخذ المخرج السينمائي الراحل المثير للجدل يوسف شاهين من اسم مسقط رأسه الإسكندرية المصرية عنوانًا لأكثر من فيلم خلال مسيرته الفنية، فقد كانت تلك الأعمال: إسكندرية ليه؟ إسكندرية - نيويورك، إسكندرية كمان وكمان، أشبه بتوثيق لحياته الشخصية وربما كانت له أسبابه الأخرى التي لم يَبُح بها حيال تسمية تلك الأعمال لكن تكراره للإسكندرية يدل على ثراء تلك المدينة التاريخية معرفيًا وحضاريًا.
منذ تولي سمو رئيس نادي الهلال الأمير نواف بن سعد رئاسة النادي كانت أعمال سموه الكبيرة التي يقوم بها محل تقدير جميع الهلاليين التي انعكست بدورها على مستوى أداء الفريق بشكل تصاعدي توّجها بفوزه ببطولة الدوري التي غاب عنها خمسة مواسم، على الرغم من أن مدة الغياب عن تحقيق الدوري لم تكن مدة طويلة بمقاييس فرق كرة القدم في العالم لكنها بالنسبة للهلال الكيان والرجال تعد مدة طويلة، ناهيك عن كؤوس خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والسوبر التي حصدها الهلال خلال فترة رئاسة سموه، وقد أشرت إلى ذلك بالتفصيل في عدة مقالات سابقة ولا أخفيكم سرًا أنني استنفدت معظم العناوين التي في مخيلتي فلم أجد اليوم - وما أجمل اليوم - سوى عنوان (نواف بن سعد كمان وكمان) ليصور الحالة التي يعيشها الهلال من جهة الاستقرار الإداري والفني ووفرة النجوم والنتائج الجيدة، سواء في مستهل بطولة دوري جميل للمحترفين هذا الموسم أو في دوري أبطال آسيا للمحترفين الذي بلغ الهلال منه الدور نصف النهائي إثر تغلبه على العين الإماراتي بثلاثية نظيفة قبل أسبوع تقريبًا، وكذلك هذا العنوان يكاد يكون هو لسان حال الهلاليين وهم يُفاجئَون بالأخبار السعيدة على حين غرة تمامًا كما حدث مع انتقال المهاجم الفنزويلي ريفاس من نادي الشارقة إلى نادي الهلال.
قلتها سابقًا واليوم أعيدها بأن الهلال وُفق في رئيس مُعرض تمام الإعراض عن الإعلام ومتفرغ كليًا للعمل لفريقه، ولعلي هنا استذكر ما قاله وليد الفراج مقدم برنامج (أكشن يا دوري) قبل أيام وهو يتطرق لهذه النقطة بأن عدد الاتصالات الهاتفية التي أجراها مع الأمير نواف تعد على أصابع اليد الواحدة خلال فترة رئاسته التي تدخل عامها الثالث! أي بمعدل اتصال كل ستة أشهر، وهذا برأيي المتواضع سرّ من أسرار نجاح وجه السعد فرئيس النادي أي نادٍ لديه خياران إما صرف وقته في الإعلام المرئي والمقروء والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي أو العمل اليومي الدؤوب لساعات بعيدًا عن صخب الإعلام ومغرياته، والخيار الثاني صعب للغاية على رؤساء الأندية العادية فكيف بنادي بحجم الهلال مهوى فلاشات المصورين ومبتغى جميع الإعلاميين الرياضيين والمادة الدسمة في كل محتوى رياضي داخل المملكة وخارجها.
إن ما يقوم به الأمير نواف بن سعد يستحق الشكر والتقدير والاحترام وإن حصل ثمة تقصير أو خلل في التعاقد مع لاعب أو استبعاد آخر فهذه سمة العمل البشري، إنما الشجاعة بتدارك الأخطاء قبل استفحالها وهذا ما نراه في الهلال والكل يتذكر القرار الجريء والشجاع في بداية الموسم الماضي باستبعاد المدرب الأورجواني جوستافو ماتوساس الذي كانت ثمرته بطولة الدوري عسى أن تكلل جهود الجميع في البيت الهلالي الكبير بالتوفيق والسداد.
رسالة أخيرة إلى جمهور الهلال الكبير حيال مشوار الفريق حاليًا في دوري أبطال آسيا؛ التفاؤل مطلوب لكن الحذر أيضًا محمود العواقب فلا إفراط ولا تفريط وليكن التركيز الآن منصبًا على كيفية تجاوز الدور نصف النهائي خصوصًا أن الفريق المقابل برسبوليس الإيراني العنيد والمنظم والمتحفز بقوة لتحقيق منجز آسيوي وهذا ربما ما دعا لاعبه ومدربه السابق علي دائي إلى إطلاق شعارات التحدي والتأكيد على تجهيز ملعب آزادي للنهائي، فمن يظن بأن المهمة سهلة ومحسومة بسبب الأداء المميز في مباراة العين خصوصًا في الشوط الثاني فهو مجافٍ للحقيقة كما أن رسم سيناريو معين للحصول على الكأس هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا قروبات الواتساب ليست ظاهرة صحية على الإطلاق بل الصحيح برأيي المتواضع التدرج في الأمل الآسيوي المنشود فهو سبيل النجاح الوحيد بعد توفيق الله، أما الآن فيجب دعم الفريق خلال موقعتي أبوظبي ومسقط وعندما نتجاوز الإيرانيين بمشيئة الله للجميع البدء في الحديث عن حظوظ الهلال في النهائي والتعاطي بعقلانية وليس بعاطفة جارفة كما حدث في نهائي نسخة 2014 بارك الله في جهود الجميع وعلى دروب الخير والانتصارات دومًا نلتقي.
- محمد السالم