فهد بن أحمد الصالح
نحفظ باستمرار القاعدة التي تقول (لا اجتهاد مع وجود نص) والنص المنظم لكل مناحي الحياة هو ما كان من الكتاب الكريم والسنة المطهرة أو مصادر التشريع كباب سد الذرائع وباب درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة وباب اجتهاد أهل العلم وسادته، وعند عدم وجود ذلك صراحة فيما سبق ذكره فإن النظام الذي تضعه مصالحنا الحكومية العامة من أجل تنظيم حياة الناس ومعاشهم وعلاقاتهم مع بعضهم والأنشطة المتنوعة التي يمارسونها فيما بينهم هو النص الواجب الأخذ به والالتزام بتطبيقه، والرياضة بأنواعها هي جزء من هذا الاحتياج الذي تم التطرق اليه لأنها في الكثير من مناشطها وأهدافها ومبادراتها لا يوجد لها لوائح وقواعد وتنظيمات يمكن الرجوع اليها، ومن هذا تنظيم الممارسات الرياضية خارج الأندية والمدارس والجامعات حيث غاب عن ذلك العمل الرياضي والنشاط البدني السليم، وكذلك البناء المؤسسي والتنظيمي لتلك الممارسات واللقاءات، بالإضافة لغياب الجانب التربوي والتثقيفي والاجتماعي عنها بالجملة.
إننا إذا استثنينا اليوم ملاعب الأندية الرئيسية والرديفة وكذلك ملاعب وصالات المدارس بمراحلها المختلفة والجامعات العامة والخاصة المستثمرة والمعطلة حتى وإن كانت مستهدفة في مبادرات الهيئة العامة للرياضة، فإن ثمة ثلاثة مقاصد لممارسة الألعاب الرياضية أمام شبابنا ومنها ما هو مجاني كالتي في الأراضي الشاسعة الشاغرة التي تحتضنها جنبات المدن وتقع داخل المخططات السكنية بالإضافة لما يقع منها بأطراف المدن والمحافظات، كذلك مجمعات ملاعب الاحياء التي قدمتها الامانات والبلديات مشكورة ضمن هدف رائد وذا بُعد انساني تمثل في جعل المدن صديقة للإنسان وهو ما عرف بمشروع (أنسنة المدن)، وثالث تلك المقاصد هي الملاعب الخاصة المؤهلة والمهيأة والمضاءة التي يملكها افراد وتسمح بإقامتها أنظمة البلديات دون الرجوع حسب النشاط والهدف لهيئة الرياضة، وتؤجر تلك الملاعب بالساعة وتقام عليها الكثير من المنافسات والبطولات ويحضر فيها جماهير محبة لكل لعبة حتى وإن كانت تركز فقط على كرة القدم.
هذا المدخل يقودنا كمجتمع سواء رياضيا أو مشاهد ومعايش الى ضرورة المطالبة بالاستفادة من الامكانيات المتنوعة الموجودة في جميع المدن والمحافظات والمراكز وتنظيم ذلك وفق آلية عمل واضحة مع التركيز على النقاط التالية:-
* تفعيل الاتفاقية الموقعة بين هيئة الرياضة ووزارة التعليم وإبراز الجانب التربوي والسلوكي في تلك المنافسات وهذا من جهته سيحقق الاستدامة الرياضية مع إشراك الأمانات والبلديات من خلال المسؤولية الاجتماعية الفاعلة لديها.
* إيجاد الدور الكامل لاتحاد الرياضة المجتمعية لتنظيم المنافسات الشبابية داخل الأحياء ورعايتها وقد يكون من الأفضل تنظيمها على شكل دوري ورصد كؤوس وجوائز للمراكز الثلاثة وتغطيتها في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة.
* ربط الرخص والتصاريح للملاعب الخاصة بالهيئة العامة للرياضة لنضمن تطبيق الشروط والمواصفات القياسية لتلك الملاعب، ونستطيع بالتالي حصرها والتعامل معها وتحديد تسعيرتها وتنظيم المسابقات والمنافسات على أراضيها.
* إيجاد علاقة مستدامة ومتنامية مع القطاع الخاص لتبني مثل هذه المشاريع مع ضرورة ان يكون لها دراسات اجتماعية مقنعة لكيانات الأعمال التي سادت لدى كثير منها ثقافة المسؤولية الاجتماعية ويقدمونها كواجب مجتمعي عليهم.
* تعزيز ثقافة التطوع في إدارة مثل هذه المنافسات بعد إيجاد تنظيم مؤسسي لها وسنجد المئات والآلاف ممن يقدمون خبراتهم لإدارة مثل ذلك خاصة ومحور التطوع محور رئيس لرؤية المملكة 2030 وسيقدره المجتمع لأهله بصدق.
* إتاحة الفرصة لاتحاد الرياضة المدرسية واتحاد الجامعات السعودية لتقديم رؤيتهم في تنظيم مثل ذلك وكيفية الاستفادة القصوى من الامكانيات الموجودة ولربما ضرورة اجراء دراسات ميدانية من خلال المختصين في تلك الجهات.
ختاماً، كنت عضو لجنة مسابقات في إحدى القنوات التلفزيونية لتحكيم أكثر 1000 مبادرة خيرية واجتماعية، وكانت إحدى المبادرات على مستوى الأفراد وتناسب حال المقال وأهدافه وقد فازت بالمركز الثالث وهي مبادرة لأكاديمي سعودي حريص على شباب وطنه وعمارة أوقاتهم بما ينفعهم، وتلك المبادرة تعنى بإقامة دورات قصيرة متنوعة مع اللاعبين في الحواري، على أن تكون ملزمة للحضور حتى يقبل اشتراكه في دوري كرة القدم، وتلك الدورات متنوعة بين تنمية الولاء لهذا الوطن وتعزيز محبته في نفوس الشباب ودورة في إدارة الوقت وأخرى في الآداب العامة ورابعة في الإسعافات الاولية وسلسلة طويلة من الموضوعات الهامة، وقد استبشرنا عندما ذكر لنا انه أخذ تزكية لتلك المبادرة من رئيس اتحاد الرياضة المجتمعية وعرضها كذلك على بعض مؤسسات القطاع الخاص لرعايتها وهي فرصة مناسبة اليوم لتطبيقها من ضمن مبادرات الهيئة العامة للرياضة لتحقيق رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني الرياضي 2020.