د. محمد عبدالله الخازم
عندما ناقشت رسالة الدكتوراه، سألني الممتحن الخارجي سؤالين أو ثلاثة فقط. فرحت بذلك، ولكنه سلمني بعد المناقشة ورقة فيها ملاحظات عديدة بعضها لغوي وبعضها شكلي..إلخ. سأطبق هذا الأسلوب في قراءة نظام الجامعات الجديد؛ ساتطرق لفكرتين أو ثلاث هنا لتكون محل نقاش وبقية الملاحظات نبعثها للموقع المخصص لذلك. بصفة عامة ما زال النظام منبثقًا من داخل الصندوق الفكري القديم مع بعض التحسينات، وأتوقع أن يذهب أغلب النقاش حول التفاصيل أو مناقشة وظائف المجالس وانسجامها مع مفهوم الاستقلالية. سأخذ منحى آخر وأسأل ما هو أكبر تغيير استحث إيجاد نظام جديد؟ الإجابة هي دمج وزارتي التعليم العام والتعليم العالي. وما هي مبررات الدمج؟ الإجابة هي ليتم تكامل التعليم العام مع العالي. أين هي فكرة التكامل في نظام الجامعات الجديد؟
لنبدأ من الأعلى؛ لماذا مجلس للجامعات طالما أصبحت ضمن التعليم؟ لماذا لا يكون مجلس أعلى للتعليم يعنى بسياسات التعليم بصفة عامة وترك مجالس أمناء الجامعات تقرر بعض الصلاحيات الشكلية التي أوكلت لمجلس الجامعات كإقرار المتاحف وتعيين وكلاء الجامعات وغيرها من المهام، ولا بأس من تشكيل لجنة فرعية بالمجلس الأعلى للتعليم، إن احتاج الأمر. هل سنؤسس مجلس أعلى ثانٍ للتعليم وثالث للتعليم المهني ورابع للتعليم العسكري؟ هل ما زالت الوزارة تفكر بأكثر من رأس؟ مجلس الأمناء؛ هو السلطة الأعلى للجامعة ولم تعجبني تشكيلته، فماذا يعني سبعة أشخاص من ذوي الاختصاص والقطاع الخاص دون تحديد واضح للمرجعية؟ مجلس الأمناء يفترض أن يمثل المستفيدين والمؤثرين في عمل الجامعة، وفي كل منطقة هم إمارة - مجلس المنطقة والغرفة التجارية وإدارة التعليم والقطاعات الأخرى ذات العلاقة بتخصصات الجامعة (الصحة مثلاً) وغيرهم. وعودًا على فكرة ربط التعليم الجامعي بالعام، يجب أن ينص النظام على وجود ممثل لإدارة التعليم بمنطقة الجامعة ضمن مجلس أمنائها وكذلك ممثلو الغرفة التجارية ومجلس المنطقة، ترشحهم جهاتهم بموافقة الجهات الأعلى، مع أعضاء أخرين. الجامعة تتكامل وتتعاون مع مؤسسات التعليم العام وتسهم في خدمة وتنمية منطقتها، لذلك يجب أن يحوي مجلسها القطاعات الفاعلة بالمنطقة - المحافظة، لا أن يترك المجال لاختيار أشخاص قد لا يمثلون جميع جهات الـ stakeholders. يجب ملاحظة أن مجلس الأمناء يعد مجلس حوكمة وليس مجلسًا أكاديميًا بحتًا. وبالمثل يمكن تعيين ممثل للجامعة بالمجلس التعليمي للتعليم العام. الجامعات التطبيقية لم تتضح ماهيتها، لذا نتجاوزها... ثغرة أخرى لا استطيع تجاوزها، تتمثل في المجلس العلمي الذي يعد الأهم والأولى بالاستقلالية العلمية داخل الجامعة، لكن النظام الجديد يكرر سلبية سبق أن حذرنا منها. يجب فصل المجلس العلمي عن إدارة الجامعة فلا يرأسه وكيل الجامعة الذي عين في منصبه وفق مبررات إدارية وليس علمية، بل يجب أن يرأسه استاذ مستقل صاحب خبرة وأخلاق علمية متميزة، يتم انتخابه عن طريق زملائه الأساتذة أعضاء المجلس. وكيل الجامعة دوره إداري ولا يجب منحه سلطة أكاديمية تحجب - تتدخل في قرارات المجالس الأكاديمية. ولا بأس أن يفتتح مدير الجامعة أو كيلها أولى جلسات المجلس لشرح توجهات الجامعة الإدارية دون التدخل في أعماله وقراراته.